Nooniyah Ibn Al-Qayyim

نونية ابن القيم

  1. حُكْمُ الْمَحَبَّةِ ثَابِتُ الْأَرْكَانِ * مَا لِلصُّدُودِ بِفَسْخِ ذَاكَ يَدَانِ

  2. أَنَّى وَقَاضِي الْحُسْنِ نَفَّذَ حُكْمَهَا * فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الْخَصْمَانِ

  3. وَأَتَتْ شُهُودُ الْوَصْلِ تَشْهَدُ أَنَّهُ * حَقًّا جَرَى فِي مَجْلِسِ الإِحْسَانِ

  4. فَتَأَكَّدَ الْحُكْمُ الْعَزِيزُ فَلَمْ يَجِدْ * فَسْخُ الْوُشَاةِ إِلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ

  5. وَلِأَجْلِ ذَا حُكْمُ الْعَذُولِ تَدَاعَتِ الْـ * أَرْكَانُ مِنْهُ فَخَرَّ لِلأَرْكَانِ

  6. وَأَتَى الْوُشَاةُ فَصَادَفُوا الْحُكْمَ الَّذِي * حَكَمُوا بِهِ مُتَيَقَّنَ الْبُطْلَانِ

  7. مَا صَادَفَ الْحُكْمُ الْمَحَلَّ وَلَا هُوَ اسْـ * ـتَوْفَى الشُّرُوطَ فَصَارَ ذَا بُطْلَانِ

  8. فَلِذَاكَ قَاضِى الْحُسْنِ أَثْبَتَ مَحْضَرًا * بِفَسَادِ حُكْمِ الْهَجْرِ وَالسُّلْوَانِ

  9. وَحَكَى لَكَ الْحُكْمَ الْمُحَالَ وَنَقْضَهُ * فَاسْمَعْ إِذًا يَا مَنْ لَهُ أُذُنَانِ

  10. حَكَمَ الْوُشَاةُ بِغَيْرِ مَا بُرْهَانِ * أَنَّ الْمَحَبَّةَ وَالصُّدُودَ لِدَانِ

  11. وَاللَّهِ مَا هَذَا بِحُكْمٍ مُقْسِطٍ * أَيْنَ الْغَرَامُ وَصَدُّ ذِي هِجْرَانِ

  12. شَتَّان بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ فَإنْ تُرِدْ * جَمْعًا فَمَا الضِّدَّانِ يَجْتَمِعَانِ

  13. يَا وَالِهًا هَانَتْ عَلَيهِ نَفْسُهُ * إذْ بَاعَهَا غَبْنًا بِكُلِّ هَوَانِ

  14. أتَبِيعُ مَنْ تَهْواهُ نَفْسُك طَائِعًا * بِالصَّدِّ وَالتَّعْذِيبِ وَالهِجْرَانِ

  15. أجَهِلْتَ أَوْصَافَ الْمَبِيعِ وَقَدْرَهُ * أمْ كُنْتَ ذَا جَهْلٍ بِذِي الأَثْمَانِ

  16. وَاهًا لِقَلْبٍ لَا يُفارِقُ طَيْرُه الْـ * أَغْصَانَ قَائِمَةً عَلَى الْكُثْبَانِ

  17. وَيظَلُّ يَشْجَعُ فَوْقَهَا وَلِغَيْرِهِ * مِنْهَا الثِّمَارُ وَكُلُّ قِطْفٍ دَانِ

  18. وَيَبِيتُ يَبْكِي وَالمُوَاصِلُ ضَاحِكٌ * وَيَظَلُّ يَشْكُو وَهْوَ ذُو شُكْرَانِ

  19. هَذَا وَلَوْ أَنَّ الْجَمَالَ مُعَلَّقٌ * بِالنَّجْمِ هَمَّ إليْهِ بِالطَّيَرَانِ

  20. لِلَّهِ زَائِرَةٌ بِلَيْلٍ لَمْ تَخَفْ * عَسَسَ الْأَمِيرِ وَمَرْصَدَ السَّجَّانِ

  21. قَطَعَتْ بِلَادَ الشَّامِ ثُمَّ تَيمَّمَتْ * مِنْ أَرْضِ طَيْبَةَ مَطلِعَ الْإِيمَانِ

  22. وَأَتَتْ عَلَى وَادِي الْعَقِيقِ فَجَاوَزَتْ * مِيقَاتَهُ حِلًّا بِلَا نُكْرَانِ

  23. وَأَتَتْ عَلَى وَادِي الْأَرَاكِ وَلَمْ يَكُنْ * قَصْدًا لَهَا فَأْلًا بِأَنْ سَتَرَانِي

  24. وَأَتَتْ عَلَى عَرَفَاتِ ثُمَّ مُحَسِّرٍ * وَمِنًى فَكَمْ نَحَرَتْهُ مِنْ قُرْبَانِ

  25. وَأَتَتْ عَلَى الْجَمَرَاتِ ثُمَّ تَيَمَّمَتْ * ذَاتَ السُّتُورِ وَرَبَّةَ الْأَرْكَانِ

  26. هَذَا وَمَا طَافَتْ وَلَا اسْتَلَمَتْ وَلَا * رَمَتِ الْجِمَارَ وَلَا سَعَتْ لِقِرَانِ

  27. وَعَلَتْ عَلَى أَعْلَى الصَّفَا فَتَيمَّمَتْ * دَارًا هُنَالِكَ لِلْمُحِبِّ الْعَانِي

  28. أَتُرَى الدَّلِيلَ أَعَارَهَا أَثْوَابَهُ * وَالرِّيحَ أَعْطَتْهَا مِنَ الْخَفَقَانِ

  29. وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الدَّلِيلَ مَكَانَهَا * مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي إِمْكَانِ

  30. هَذَا وَلَوْ سَارَتْ مَسِيرَ الرِّيحِ مَا * وَصَلَتْ بِهِ لَيْلًا إِلَى نَعْمَانِ

  31. سَارَتْ وَكَانَ دَلِيلَهَا فِي سَيْرِهَا * سَعْدُ السُّعُودِ وَلَيْسَ بِالدَّبَرَانِ

  32. وَرَدَتْ جِفَارَ الدَّمْعِ وَهْيَ غَزِيرَةٌ * فَلِذَاكَ مَا احْتَاجَتْ وُرُودَ الضَّانِ

  33. وَعَلَتْ عَلَى مَتْنِ الْهَوَى وَتَزَوَّدَتْ * ذِكْرَ الحَبِيبِ وَوَصْلَهُ الْمُتَدَانِي

  34. عَدَتْ بِزَوْرَتِهَا فَأَوْفَتْ بِالَّذِي * وَعَدَتْ وَكَانَ بِمُلْتَقَى الْأَجْفَانِ

  35. لَمْ تَفْجَأِ الْمُشْتَاقَ إِلَّا وَهْيَ دَا * خِلَةُ السُّتُورِ بِغَيْرِ مَا اسْتِئْذَانِ

  36. قَالَتْ وَقَدْ كَشَفَتْ نِقَابَ الْحُسْنِ مَا * بِالصَّبْرِ لِي عَنْ أنْ أَرَاكَ يَدانِ

  37. وَتَحَدَّثَتْ عِنْدِي حَدِيثًا خِلْتُهُ * صِدْقًا وَقَدْ كَذَبَتْ بِهِ الْعَيْنَانِ

  38. فَعَجِبْتُ مِنْهُ وَقُلْتُ مَنْ فَرَحِي بِهِ * طَمَعًا وَلَكِنَّ الْمَنَامَ دَهَانِي

  39. إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةَ الَّذِي حَدَّثْتِنِي * فَعَلَيْكِ إِثْمُ الْكَاذِبِ الْفَتَّانِ

  40. جَهْمِ بْنِ صَفْوَانٍ وَشِيعَتِهِ الأُلَى * جَحَدُوا صِفَاتِ الْخَالِقِ الْمَنَّانِ

  41. بَلْ عَطَّلُوا مِنْهُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشَ أَخْلَوْهُ مِنَ الرَّحْمٰنِ

  42. وَنَفَوْا كَلَامَ الرَّبِّ جلَّ جَلَالُهُ * وَقَضَوْا لَهُ بِالْخَلْقِ وَالْحِدْثَانِ

  43. قَالُوا وَلَيْسَ لِرَبِّنَا سَمْعٌ وَلَا * بَصَرٌ وَلَا وَجْهٌ فَكَيْفَ يَدَانِ

  44. وَكَذَاكَ لَيْسَ لِرَبِّنَا مِنْ قُدْرَةٍ * وَإِرَادَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَحَنَانِ

  45. كَلَّا وَلَا وَصْفٌ يَقُومُ بِهِ سِوَى * ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ بِغَيْرِ مَعَانِ

  46. وَحَيَاتُهُ هِيَ نَفْسُهُ وَكَلَامُهُ * هُوَ غَيْرُهُ فَاعْجَبْ لِذَا الْبُهْتَانِ

  47. وَكَذَاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِنْ خَلْقِهِ * أَحَدٌ يَكُونُ خَلِيلَهُ النَّفْسَانِي

  48. وَخَلِيلُهُ الْمُحْتَاجُ عِنْدَهُمُ وَفِي * ذَا الْوَصْفِ يَدْخُلُ عَابِدُ الْأَوْثَانِ

  49. فَالْكُلُّ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ لِذَاتِهِ * فِي أَسْرِ قَبْضَتِهِ ذَلِيلٌ عَانِ

  50. وَلِأَجْلِ ذَا ضَحَّى بِجَعْدٍ خَالِدُ الْـ * ـقَسْرِيُّ يَوْمَ ذَبَائِحِ الْقُرْبَانِ

  51. إِذْ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ خَلِيلَهُ * كَلَّا وَلَا مُوسَى الْكَلِيمَ الدَّانِي

  52. شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ * لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ

  53. وَالْعَبْدُ عِنْدَهُمُ فَلَيْسَ بِفَاعِلٍ * بَلْ فِعْلُهُ كَتَحَرُّكِ الرَّجْفَانِ

  54. وَهُبُوبِ رِيحٍ أَوْ تَحَرُّكِ نَائِمٍ * وَتَحَرُّكِ الْأَشْجَارِ لِلْمَيَلَانِ

  55. وَاللَّهُ يُصْلِيهِ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ * أفْعَالِهِ حَرَّ الْحَمِيمِ الآنِي

  56. لَكِنْ يُعَاقِبُهُ عَلَى أَفْعَالِهِ * فِيهِ تَعَالَى اللَّهُ ذُو الْإِحْسَانِ

  57. وَالظُّلْمُ عِنْدَهُمُ الْمُحَالُ لِذَاتِهِ * أنَّى يُنَزَّهُ عَنْهُ ذُو السُّلْطَانِ

  58. وَيَكُونُ مَدْحًا ذَلِكَ التَّنْزِيهُ مَا * هَذَا بِمَعْقُولٍ لَدَى الْأَذْهَانِ

  59. وَكَذَاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِنْ حِكْمَةٍ * هِيَ غَايَةٌ لِلْأَمْرِ وَالْإِتْقَانِ

  60. مَا ثَمَّ غَيْرُ مَشِيئَةٍ قَدْ رَجَّحَتْ * مِثْلًا عَلَى مِثْلٍ بِلَا رُجْحَانِ

  61. هَذَا وَمَا تِلْكَ الْمَشِيئَةُ وَصْفَهُ * بَلْ ذَاتُهُ أَوْ فِعْلُهُ قَولَانِ

  62. وَكَلَامُهُ مُذْ كَانَ غَيْرًا كَانَ مَخْـ * ـلُوقًا لَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ

  63. قَالُوا وَإقْرَارُ الْعِبَادِ بِأَنَّهُ * خَلَّاقُهُمْ هُوَ مُنْتَهَى الْإِيْمَانِ

  64. وَالنَّاسُ فِي الْإِيمَانِ شَيْءٌ وَاحِدٌ * كَالْمُشْطِ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْأَسْنَانِ

  65. فَاسْأَلْ أَبَا جَهْلٍ وَشِيعَتَهُ وَمَنْ * وَالَاهُمُ مِنْ عَابِدِي الْأَوْثَانِ

  66. وَسَلِ الْيَهُودَ وَكُلَّ أَقْلَفَ مُشْرِكٍ * عَبَدَ المَسِيحَ مُقَبِّلَ الصُّلْبَانِ

  67. وَاسْأَلْ ثَمُودَ وَعَادَ بَلْ سَلْ قَبْلَهُمْ * أعْدَاءَ نُوحٍ أُمَّةَ الطُّوفَانِ

  68. وَاسْأَلْ أَبَا الجِنِّ اللَّعِينَ أَتَعْرِفُ الْـ * ـخَلَّاقَ أَمْ أَصْبَحْتَ ذَا نُكْرَانِ

  69. وَاسْأَلْ شِرَارَ الْخَلْقِ أَعْنِي أُمَّةً * لُوطِيَّةً هُمْ نَاكِحُو الذُّكْرَانِ

  70. وَاسْأَلْ كَذَاكَ إِمَامَ كُلِّ مُعَطِّلٍ * فِرعَونَ مَعْ قَارُونَ مَعْ هَامَانِ

  71. هَلْ كَانَ فِيهِمْ مُنْكِرٌ لِلْخالِقِ الرَّ * بِّ الْعَظِيمِ مُكَوِّنِ الْأَكْوَانِ

  72. فَلْيُبْشِرُوا مَا فِيهِمُ مِنْ كَافِرٍ * هُمْ عِنْدَ جَهْمٍ كَامِلُو الْإِيمَانِ

  73. وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مُعَطَّلًا * وَالْفِعْلُ مُمْتَنِعٌ بِلَا إِمْكَانِ

  74. ثُمَّ اسْتَحَالَ وصَارَ مَقْدُورًا لَهُ * مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ قَامَ بِالدَّيَّانِ

  75. بَلْ حَالُهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَاتِهِ * قَبْلَ الْحُدُوثِ وَبَعْدَهُ سِيَّانِ

  76. وَقَضَى بِأَنَّ النَّارَ لَمْ تُخْلَقْ وَلَا * جَنَّاتُ عَدْنٍ بَلْ هُمَا عَدَمَانِ

  77. فَإِذَا هُمَا خُلِقَا لِيَوْمِ مَعَادِنَا * فَهُمَا عَلَى الْأَوْقَاتِ فَانِيَتَانِ

  78. وَتَلَطَّفَ الْعَلَّافُ مِنْ أَتْبَاعِهِ * فَأَتَى بِضُحْكَةِ جَاهِلٍ مَجَّانِ

  79. قَالَ الْفَنَاءُ يَكُونُ فِي الْحَرَكاتِ لَا * فِي الذَّاتِ وَاعَجَبَا لِذَا الْهَذَيَانِ

  80. أَيَصِيرُ أَهْلُ الْخُلْدِ فِي جَنَّاتِهِمْ * وجَحِيمِهِمْ كَحِجَارَةِ الْبُنْيَانِ

  81. مَا حَالُ مَنْ قَدْ كَانَ يَغْشَى أَهْلَهُ * عِنْدَ انْقِضَاءِ تَحَرُّكِ الْحَيَوَانِ

  82. وَكَذَاكَ مَا حَالُ الَّذِي رَفَعَتْ يَدَا * هُ أُكْلَةً مِنْ صَحْفَةٍ وَخِوَانِ

  83. فَتَنَاهَتِ الْحَرَكَاتُ قَبْلَ وُصُولِهَا * لِلْفَمِّ عِنْدَ تَفَتُّحِ الْأَسْنَانِ

  84. وَكَذَاكَ مَا حَالُ الَّذِي امْتَدَّتْ يَدٌ * مِنْهُ إِلَى قِنْوٍ مِنَ الْقِنْوَانِ

  85. فَتَنَاهَتِ الْحَرَكَاتُ قَبْلَ الْأَخْذِ هَلْ * يَبْقَى كَذَلِكَ سَائِرَ الْأَزْمَانِ

  86. تَبًّا لِهَاتِيكَ الْعُقُولِ فَإِنَّهَا * وَاللَّهِ قَدْ مُسِخَتْ عَلَى الْأَبْدَانِ

  87. تَبًّا لِمَنْ أَضْحَى يُقَدِّمُهَا عَلَى الْـ * آثارِ وَالْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ

  88. وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ خَلْقَهُ * عَدَمًا وَيقْلِبُهُ وُجُودًا ثَانِي

  89. الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ وَالْأَرْوَاحُ وَالْـ * أَمْلَاكُ وَالْأَفْلَاكُ وَالْقَمَرَانِ

  90. وَالْأَرْضُ وَالْبَحْرُ الْمُحِيطُ وَسَائِرُ الْـ * أَكْوَانِ مِنْ عَرَضٍ وَمِنْ جُثْمَانِ

  91. كُلٌّ سَيُفْنِيهِ الْفَنَاءَ الْمَحْضَ لَا * يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ كَظِلٍّ فَانِ

  92. وَيُعِيدُ ذَا الْمَعْدُومَ أَيْضًا ثَانِيًا * مَحْضَ الْوُجُودِ إِعَادَةً بِزَمَانِ

  93. هَذَا الْمَعَادُ وَذَلِكَ الْمَبْدَا لَدَى * جَهْمٍ وقَدْ نَسَبُوهُ لِلْقُرْآنِ

  94. هَذَا الِّذِي قَادَ ابْنَ سِينَا وَالْأُلَى * قَالُوا مَقَالَتَهُ إِلى الْكُفْرَانِ

  95. لَمْ تَقْبَلِ الْأَذْهَانُ ذَا وَتَوَهَّمُوا * أنَّ الرَّسُولَ عَنَاهُ بِالْإِيمَانِ

  96. هَذَا كِتَابُ اللَّهِ أنَّى قَالَ ذَا * أوْ عَبْدُهُ الْمَبْعُوثُ بِالبُرْهَانِ

  97. أَوْ صَحْبُهُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْ تَابِعٌ * لَهُمُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ

  98. بَلْ صَرَّحَ الْوَحْيُ الْمُبِيْنُ بِأَنَّهُ * حَقًّا مُغِيِّرُ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  99. فَيُبَدِّلُ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْأَرْضَ أَيْضًا ذَانِ تَبْدِيلَانِ

  100. وَهُمَا كَتَبْدِيلِ الْجُلُودِ لِسَاكِنِي النِّـ * ـيرَانِ عِنْدَ النُّضْجِ مِنْ نِيرَانِ

  101. وَكَذَاكَ يَقْبِضُ أَرْضَهُ وَسَمَاءَهُ * بِيَدَيْهِ مَا الْعَدَمَانِ مَقْبُوضَانِ

  102. وَتُحَدِّثُ الْأَرْضُ الَّتِي كُنَّا بِهَا * أَخْبَارَهَا فِي الْحَشْرِ لِلرَّحْمٰنِ

  103. وَتَظَلُّ تَشْهَدُ وَهْيَ عَدْلٌ بِالَّذِي * مِنْ فَوْقِهَا قَدْ أَحْدَثَ الثَّقَلَانِ

  104. أَفَيَشْهَدُ الْعَدَمُ الَّذِي هُوَ كَاسْمِهِ * لَا شَيْءَ هَذَا لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ

  105. لَكِنْ تُسَوَّى ثُمَّ تُبْسَطُ ثُمَّ تَشْـ * ـهَدُ ثُمَّ تُبْدَلُ وَهْيَ ذَاتُ كِيانِ

  106. وَتُمَدُّ أَيْضًا مِثْلَ مَدِّ أَدِيمِنَا * مِنْ غَيْرِ أَوْدِيَةٍ وَلَا كُثْبَانِ

  107. وَتَقِيءُ يَوْمَ العَرْضِ ذَا أَكْبَادَهَا * كَالْأُسْطُوَانِ نَفَائِسَ الْأَثْمَانِ

  108. كُلٌّ يَرَاهُ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِهِ * مَا لِامْرِئٍ بِالْأَخْذِ مِنْهُ يَدَانِ

  109. وَكَذَا الْجِبَالُ تُفَتُّ فَتًّا مُحْكَمًا * فَتَعُودُ مِثْلَ الرَّمْلِ ذِي الْكُثْبَانِ

  110. وَتَكُونُ كَالْعِهْنِ الَّذِي أَلْوَانُهُ * وَصِبَاغُهُ مِنْ سَائِرِ الْأَلْوَانِ

  111. وَتُبَسُّ بَسًّا مِثْلَ ذَاكَ فَتَنْثَنِي * مِثْلَ الْهَبَاءِ لِنَاظِرِ الْإِنْسَانِ

  112. وَكَذَا الْبِحَارُ فَإِنَّهَا مَسْجُورَةٌ * قَدْ فُجِّرَتْ تَفْجِيرَ ذِي سُلْطَانِ

  113. وَكَذَلِكَ الْقَمَرَانِ يَأْذَنُ رَبُّنَا * لَهُمَا فَيَجْتَمِعَانِ يَلْتَقِيَانِ

  114. هَذِي مُكَوَّرَةٌ وَهَذَا خَاسِفٌ * وَكِلَاهُمَا فِي النَّارِ مَطْرُوحَانِ

  115. وَكَوَاكِبُ الْأَفْلَاكِ تُنْثَرُ كُلُّهَا * كَلَآلِئٍ نُثِرَتْ عَلَى مَيْدَانِ

  116. وَكَذَا السَّمَاءُ تُشَقُّ شَقًّا ظَاهِرًا * وَتَمُورُ أَيْضًا أَيَّمَا مَوَرَانِ

  117. وَتَصِيرُ بَعْدَ الْاِنْشِقَاقِ كَمِثْلِ هَـ * ـذَا الْمُهْلِ أَوْ تَكُ وَرْدَةً كَدِهَانِ

  118. وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ لَا يُفْنِيهُمَا * أَيْضًا وَإنَّهُمَا لَمَخْلُوقَانِ

  119. وَالْحُورُ لَا تَفْنَى كَذَلِكَ جَنَّةُ الْـ * ـمَأْوَى وَمَا فِيهَا مِنَ الْوِلْدَانِ

  120. وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ جَهْمٌ إِنَّهَا * عَدَمٌ وَلَمْ تُخْلَقْ إِلَى ذَا الْآنِ

  121. وَالْأَنْبِيَاءُ فَإِنَّهُمْ تَحْتَ الثَّرَى * أَجْسَامُهُمْ حُفِظَتْ مِنَ الدِّيدَانِ

  122. مَا لِلْبَلَى بِلُحُومِهِمْ وَجُسُومِهِمْ * أَبَدًا وَهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ يَدَانِ

  123. وَكَذَاكَ عَجْبُ الظَّهْرِ لَا يَبْلَى بَلَى * مِنْهُ تُركَّبُ خِلْقَةُ الْإِنْسَانِ

  124. وَكَذَلِكَ الْأَرْوَاحُ لَا تَبْلَى كَمَا * تَبْلَى الْجُسُومُ وَلَا بِلَى اللُّحْمَانِ

  125. وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُقِرَّ الْجَهْمُ بِالْـ * ـأَرْوَاحِ خَارِجَةً عَنِ الْأَبْدَانِ

  126. لَكِنَّهَا مِنْ بَعْضِ أَعْرَاضٍ بِهَا * قَامَتْ وَذَا فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ

  127. فَالشَّأْنُ لِلْأَرْوَاحِ بَعْدَ فِرَاقِهَا * أَبْدَانَنَا وَاللَّهِ أَعْظَمُ شَانِ

  128. إِمَّا عَذَابٌ أَوْ نَعِيمٌ دَائِمٌ * قَدْ نُعِّمَتْ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ

  129. وَتَصِيرُ طَيْرًا سَارِحًا مَعَ شَكْلِهَا * تَجْنِي الثِّمَارَ بِجَنَّةِ الْحَيَوَانِ

  130. وَتَظَلُّ وَارِدَةً لِأَنْهَارٍ بِهَا * حَتَّى تَعُودَ لِذَلِكَ الْجُثْمَانِ

  131. لَكِنَّ أَرْوَاحَ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا * فِي جَوْفِ طَيْرٍ أخْضَرٍ رَيَّانِ

  132. فَلَهُمْ بِذَاكَ مَزِيَّةٌ فِي عَيْشِهِمْ * وَنَعِيمُهُمْ لِلرُّوحِ وَالْأَبْدَانِ

  133. بَذَلُوا الْجُسُومَ لِرَبِّهِمْ فَأَعَاضَهُمْ * أَجْسَامَ تِلْكَ الطَّيْرِ بِالْإِحْسَانِ

  134. وَلَهَا قَنَادِيلٌ إِلَيْهَا تَنْتَهِي * مَأْوًى لَهَا كَمَسَاكِنِ الْإِنْسَانِ

  135. فَالرُّوحُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَكْمَلُ حَالَةً * مِنْهَا بِهَذِي الدَّارِ فِي جُثْمَانِ

  136. وَعَذَابُ أَشْقَاهَا أَشَدُّ مِنَ الَّذِي * قَدْ عَايَنَتْ أَبْصَارُنَا بِعِيَانِ

  137. وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا عَرَضٌ أَبَوْا * ذَا كُلَّهُ تَبًّا لِذِي نُكْرَانِ

  138. وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِخْرَاجَ الْوَرَى * بَعْدَ الْمَمَاتِ إِلَى الْمَعَادِ الثَّانِي

  139. أَلْقَى عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي هُمْ تَحْتَهَا * وَاللَّهُ مُقْتَدِرٌ وَذُو سُلْطَانِ

  140. مَطَرًا غَلِيظًا أَبْيَضًا مُتَتَابِعًا * عَشْرًا وَعَشْرًا بَعْدَهَا عَشْرَانِ

  141. فَتَظَلُّ تَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَامُ الْوَرَى * وَلُحُومُهُمْ كَمَنَابِتِ الرَّيْحَانِ

  142. حَتَّى إِذَا مَا الْأُمُّ حَانَ وِلَادُهَا * وَتَمَخَّضَتْ فَنِفَاسُهَا مُتَدَانِ

  143. أَوْحَى لَهَا رَبُّ السَّمَا فَتَشَقَّقَتْ * فَبَدَا الْجَنِينُ كَأَكْمَلِ الشُّبَّانِ

  144. وَتَخَلَّتِ الْأُمُّ الْوَلُودُ وَأَخْرَجَتْ * أَثْقَالَهَا أُنْثَى وَمِنْ ذُكْرَانِ

  145. وَاللَّهُ يُنْشِئُ خَلْقَهُ فِي نَشْأَةٍ * أُخْرَى كَمَا قَدْ قَالَ فِي الْفُرْقَانِ

  146. هَذَا الَّذِي جَاءَ الْكِتَابُ وَسُنَّةُ الْـ * ـهَادِي بِهِ فَاحْرِصْ عَلَى الْإِيمَانِ

  147. مَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُعْدِمُ خَلْقَهُ * طُرًّا كَقَوْلِ الْجَاهِلِ الْحَيْرَانِ

  148. وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِفَاعِلٍ * فِعْلًا يَقُومُ بِهِ بِلَا بُرْهَانِ

  149. بَلْ فِعْلُهُ الْمَفْعُولُ خَارِجَ ذَاتِهِ * كَالْوَصْفِ غَيْرِ الذَّاتِ فِي الْحُسْبَانِ

  150. وَالْجَبْرُ مَذْهَبُهُ الَّذِي قَرَّتْ بِهِ * عَيْنُ الْعُصَاةِ وَشِيعَةِ الشَّيْطَانِ

  151. كَانُوا عَلَى وَجَلٍ مِنَ الْعِصْيَانِ إِذْ * هُوَ فِعْلُهُم وَالذَّنْبُ لِلْإِنْسَانِ

  152. وَاللَّوْمُ لَا يَعْدُوهُ إِذْ هُوَ فَاعِلٌ * بِإِرَادَةٍ وَبِقُدْرَةِ الْحَيَوَانِ

  153. فَأَرَاحَهُمْ جَهْمٌ وَشِيعَتُهُ مِنَ اللَّـ * ـوْمِ الْعَنِيفِ وَمَا قَضَوْا بِأَمَانِ

  154. لَكِنَّهُمْ حَمَلُوا ذُنُوبَهُمُ عَلَى * رَبِّ الْعِبَادِ بِعِزَّةٍ وَأَمَانِ

  155. وَتَبَرَّؤُوا مِنْهَا وَقَالُوا إِنَّهَا * أَفْعَالُهُ مَا حِيلَةُ الْإِنْسَانِ

  156. مَا كَلَّفَ الْجَبَّارُ نَفْسًا وُسْعَهَا * أَنَّى وَقَدْ جُبِلَتْ عَلَى الْعِصْيَانِ

  157. وَكَذَا عَلَى الطَّاعَاتِ أَيْضًا قَدْ غَدَتْ * مَجْبُورَةً فَلَهَا إِذًا جَبْرَانِ

  158. وَالْعَبْدُ فِي التَّحْقِيقِ شِبْهُ نَعَامَةٍ * قَدْ كُلِّفَتْ بِالْحَمْلِ وَالطَّيَرَانِ

  159. إِذْ كَانَ صُورَتُهَا تَدُلُّ عَلَيْهِمَا * هَذَا وَلَيْسَ لَهَا بِذَاكَ يَدَانِ

  160. فَلِذَاكَ قَالَ بِأَنَّ طَاعَاتِ الْوَرَى * وَكَذَاكَ مَا فَعَلُوهُ مِنْ عِصْيَانِ

  161. هِيَ عَيْنُ فِعْلِ الرَّبِّ لَا أَفْعَالُهُمْ * فَيَصِحُّ عَنْهُمْ عِنْدَ ذَا نَفْيَانِ

  162. نَفْيٌ لِقُدْرتِهِمْ عَلَيْهَا أَوَّلًا * وَصُدُورِهَا مِنْهُمْ بِنَفْيٍ ثَانِ

  163. فَيُقَالُ مَا صَامُوا وَلَا صَلَّوْا وَلَا * زَكَّوْا وَلَا ذَبَحُوا مِنَ القُرْبَانِ

  164. وَكَذَاكَ مَا شرِبُوا وَمَا قَتَلُوا وَلَا * سَرَقُوا وَلَا فِيهِمْ غَوِيٌّ زَانِ

  165. وَكَذَاكَ لَمْ يَأْتُوا اخْتِيَارًا مِنْهُمُ * بِالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِيْمَانِ

  166. إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّهَا * قَامَتْ بِهِمْ كَالطَّعْمِ وَالْأَلْوَانِ

  167. جُبِرُوا عَلَى مَا شَاءَهُ خَلَّاقُهُمْ * مَا ثَمَّ ذُو عَوْنٍ وَغَيْرُ مُعَانِ

  168. الْكُلُّ مَجْبُورٌ وَغَيْرُ مُيَسَّرٍ * كَالْمَيْتِ أُدْرِجَ دَاخِلَ الْأَكْفَانِ

  169. وَكَذَاكَ أَفْعَالُ الْمُهَيْمِنِ لَمْ تَقُمْ * أَيْضًا بِهِ خَوْفًا مِنَ الْحَدَثَانِ

  170. فَإِذَا جَمَعْتَ مَقَالَتَيْهِ أَنْتَجَا * كَذِبًا وَزُورًا وَاضِحَ الْبُهْتَانِ

  171. إِذْ لَيْسَتِ الْأَفْعَالُ فِعْلَ إِلَهِنَا * وَالرَّبُّ لَيْسَ بِفَاعِلِ العِصْيَانِ

  172. فَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْإِلَهِ وَفِعْلُهُ * وَكَلَامُهُ وَفَعَائِلُ الْإِنْسَانِ

  173. فَهُنَاكَ لَا خَلْقٌ وَلَا أَمْرٌ وَلَا * وَحْيٌ وَلَا تَكْلِيفُ عَبْدٍ فَانِ

  174. وَقَضَى عَلَى أَسْمَائِهِ بِحُدُوثِهَا * وبِخَلْقِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ

  175. فَانْظُرْ إِلَى تَعْطِيلِهِ الْأَوْصَافَ وَالْـ * أفْعَالَ وَالْأَسْمَاءَ لِلرَّحْمٰنِ

  176. مَاذَا الَّذِي فِي ضِمْنِ ذَا التَّعْطِيلِ مِنْ * نَفْيٍ وَمِنْ جَحْدٍ وَمِنْ كُفْرَانِ

  177. لَكِنَّهُ أَبْدَى الْمَقَالَةَ هَكَذَا * فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرَّحْمٰنِ

  178. وَأَتَى إِلَى الْكُفْرِ الْعَظِيمِ فَصَاغَهُ * عِجْلًا لِيَفْتِنَ أُمَّةَ الثِّيرَانِ

  179. وَكَسَاهُ أنْوَاعَ الْجَوَاهِرِ وَالحُلِيَّ * مِنْ لُؤْلُؤٍ صَافٍ وَمِنْ عِقْيَانِ

  180. فَرَآهُ ثِيرَانُ الْوَرَى فَأَصَابَهُمْ * كَمُصَابِ إِخْوَتِهِمْ قَدِيمَ زَمَانِ

  181. عِجْلَانِ قَدْ فَتَنَا العِبَادَ بِصَوْتِهِ * إِحْدَاهُمَا وَبِحَرفِهِ ذَا الثَّانِي

  182. وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ فَأَهْلُ ظَوَاهِرٍ * تَبْدُو لَهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ مَعَانِ

  183. فَهُمُ الْقُشُورُ وَبِالْقُشُورِ قِوَامُهُم * وَاللُّبُّ حَظُّ خُلَاصَةِ الْإِنْسَانِ

  184. وَلِذَا تَقَسَّمَتِ الطَّوَائِفُ قَوْلَهُ * وَتَوَارَثُوهُ إِرْثَ ذِي السُّهْمَانِ

  185. لَمْ يَنْجُ مِنْ أَقْوَالِهِ طُرًّا سِوَى * أَهْلِ الْحَدِيثِ وَشِيْعَةِ الْقُرْآنِ

  186. فَتَبَرَّؤُوا مِنْهَا بَرَاءَةَ حَيْدَرٍ * وَبَرَاءَةَ الْمَوْلُودِ مِنْ عِمْرَانِ

  187. مِنْ كُلِّ شِيعِيٍّ خَبِيثٍ وَصْفُهُ * وَصْفُ الْيَهُودِ مُحَلِّلِي الْحِيتَانِ

  188. يَأَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُرِيدُ نَجَاتَهُ * اِسْمَعْ مَقَالَةَ نَاصِحٍ مِعْوَانِ

  189. كُنْ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا مُتَمَسِّكًا * بِالْوَحْيِ لَا بِزَخَارِفِ الْهَذَيَانِ

  190. وَانْصُرْ كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي * جَاءَتْ عَنِ الْمَبْعُوثِ بِالْفُرْقَانِ

  191. وَاضْرِبْ بِسَيْفِ الْوَحْيِ كُلَّ مُعَطِّلٍ * ضَرْبَ الْمُجَاهِدِ فَوْقَ كُلِّ بَنَانِ

  192. وَاحْمِلْ بِعَزْمِ الصِّدْقِ حَمْلَةَ مُخْلِصٍ * مُتَجِرِّدٍ لِلَّهِ غَيْرِ جَبَانِ

  193. وَاثْبُتْ بِصَبْرِكَ تَحْتَ أَلْوِيَةِ الْهُدَى * فَإِذَا أُصِبْتَ فَفِي رِضَا الرَّحْمٰنِ

  194. وَاجْعَلْ كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي * ثَبَتَتْ سِلَاحَكَ ثُمَّ صِحْ بِجَنَانِ

  195. مَنْ ذَا يُبارِزُ فَلْيُقَدِّمْ نَفْسَهُ * أَوْ مَنْ يُسَابِقْ يَبْدُ فِي الْمَيْدَانِ

  196. وَاصْدَعْ بِمَا قَالَ الرَّسُولُ وَلَا تَخَفْ * مِنْ قِلَّةِ الْأَنْصَارِ وَالْأَعْوَانِ

  197. فَاللَّهُ نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ * وَاللَّهُ كَافٍ عَبْدَهُ بِأَمَانِ

  198. لَا تَخْشَ مِنْ كَيْدِ الْعَدُوِّ وَمَكْرِهِمْ * فَقِتَالُهُمْ بِالْكِذْبِ وَالْبُهْتَانِ

  199. فَجُنُودُ أَتْبَاعِ الرَّسُولِ مَلَائِكٌ * وَجُنُودُهُمْ فَعَسَاكِرُ الشَّيْطَانِ

  200. شَتَّانَ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَمَنْ يَكُنْ * مُتَحَيِّزًا فَلْيَنْظُرِ الْفِئَتَانِ

  201. وَاثْبُتْ وَقَاتِلْ تَحْتَ رَايَاتِ الْهُدَى * وَاصْبِرْ فَنَصْرُ اللَّهِ رَبِّكَ دَانِ

  202. وَاذْكُرْ مَقَاتِلَهُمْ لِفُرْسَانِ الْهُدَى * لِلَّهِ دَرُّ مَقَاتِلِ الْفُرْسَانِ

  203. وَادْرَأْ بِلَفْظِ النَّصِّ فِي نَحْرِ الْعِدَا * وَارْجُمْهُمُ بِثَوَاقِبِ الشُّهْبَانِ

  204. لَا تَخْشَ كَثْرَتَهُمْ فَهُمْ هَمَجُ الْوَرَى * وَذُبَابُهُ أَتَخَافُ مِنْ ذِبَّانِ

  205. وَاشْغَلْهُمُ عِنْدَ الْجِدَالِ بِبَعْضِهِمْ * بَعْضًا فَذَاكَ الْحَزْمُ لِلْفُرْسَانِ

  206. وَإِذَا هُمُ حَمَلُوا عَلَيْكَ فَلَا تَكُنْ * فَزِعًا لِحَمْلَتِهِمْ وَلَا بِجَبَانِ

  207. وَاثْبُتْ وَلَا تَحْمِلْ بِلَا جُنْدٍ فَمَا * هَذَا بِمَحْمُودٍ لَدَى الشُّجْعَانِ

  208. فَإِذَا رَأَيْتَ عِصَابَةَ الْإِسْلَامِ قَدْ * وَافَتْ عَسَاكِرُهَا مَعَ السُّلْطَانِ

  209. فَهُنَاكَ فَاخْتَرِقِ الصُّفُوفَ وَلَا تَكُنْ * بِالْعَاجِزِ الْوَانِي وَلَا الْفَزْعَانِ

  210. وَتَعَرَّ مِنْ ثَوْبَيْنِ مَنْ يَلْبَسْهُمَا * يَلْقَ الرَّدَى بِمَذَمَّةٍ وَهَوَانِ

  211. ثَوْبٌ مِنَ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ فَوْقَهُ * ثَوْبُ التَّعَصُّبِ بِئْسَتِ الثَّوبَانِ

  212. وَتَحَلَّ بِالْإِنْصَافِ أَفْخَرِ حُلَّةٍ * زِينَتْ بِهَا الْأَعْطَافُ وَالْكَتِفَانِ

  213. وَاجْعَلْ شِعَارَكَ خَشْيَةَ الرَّحْمٰنِ مَعْ * نُصْحِ الرَّسُولِ فَحَبَّذَا الْأَمْرَانِ

  214. وَتَمَسَّكَنَّ بِحَبْلِهِ وَبِوَحْيِهِ * وَتَوَكَّلَنَّ حَقِيقَةَ التُّكْلَانِ

  215. فَالْحَقُّ وَصْفُ الرَّبِّ وَهْوَ صِرَاطُهُ الْـ * ـهَادِي إِلَيْهِ لِصَاحِبِ الْإِيمَانِ

  216. وَهُوَ الصِّرَاطُ عَلَيْهِ رَبُّ الْعَرْشِ أَيْ * ضًا ذَا وَذَا قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ

  217. وَالْحَقُّ مَنْصُورٌ وَمُمْتَحَنٌ فَلَا * تَعْجَبْ فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحْمٰنِ

  218. وَبِذَاكَ يَظْهَرُ حِزْبُهُ مِنْ حَرْبِهِ * وَلِأَجْلِ ذَاكَ النَّاسُ طَائِفَتَانِ

  219. وَلِأَجْلِ ذَاكَ الْحَرْبُ بَيْنَ الرُّسْلِ وَالْـ * ـكُفَّارِ مُذْ قَامَ الوَرَى سَجْلَانِ

  220. لَكِنَّمَا الْعُقْبَى لِأَهْلِ الْحَقِّ إِنْ * فَاتَتْ هُنَا كَانَتْ لَدَى الدَّيَّانِ

  221. وَاجْعَلْ لِقَلْبِكَ هِجْرَتَيْنِ وَلَا تَنَمْ * فَهُمَا عَلَى كُلِّ امْرِئٍ فَرْضَانِ

  222. فَالْهِجْرةُ الْأُولَى إِلَى الرَّحْمٰنِ بِالْـ * إِخْلَاصِ فِي سِرٍّ وَفِي إِعْلَانِ

  223. فَالْقَصْدُ وَجْهُ اللَّهِ بِالْأَقْوَالِ وَالْـ * أَعْمَالِ وَالطَّاعَاتِ وَالشُّكْرَانِ

  224. فَبِذَاكَ يَنْجُو الْعَبْدُ مِنْ إشْرَاكِهِ * وَيَصِيرُ حَقًّا عَابِدَ الرَّحْمٰنِ

  225. وَالْهِجْرَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْمَبْعُوثِ بِالْـ * ـحَقِّ الْمُبِينِ وَوَاضِحِ الْبُرْهَانِ

  226. فَيَدُورُ مَعْ قَوْلِ الرَّسُولِ وَفِعْلِهِ * نَفْيًا وَإِثْبَاتًا بِلَا رَوَغَانِ

  227. وَيُحَكِّمُ الْوَحْيَ الْمُبِينَ عَلَى الَّذِي * قَالَ الشُّيُوخُ فَعِنْدَهُ حَكَمَانِ

  228. لَا يَحْكُمَانِ بِبَاطِلٍ أَبَدًا وَكُلُّ م * الْعَدْلِ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الْحَكَمَانِ

  229. وَهُمَا كِتَابُ اللَّهِ أَعْدَلُ حَاكِمٍ * فِيهِ الشِّفَا وَهِدَايَةُ الْحَيْرَانِ

  230. وَالْحَاكِمُ الثَّانِي كَلَامُ رَسُولِهِ * مَا ثَمَّ غَيْرُهُمَا لِذِي إِيمَانِ

  231. فَإِذَا دَعَوْكَ لِغَيْرِ حُكمِهِمَا فَلَا * سَمْعًا لِدَاعِي الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ

  232. قُلْ لَا كَرَامَةَ لَا وَلَا نُعْمَى وَلَا * طَوْعًا لِمَنْ يَدْعُو إِلَى طُغْيَانِ

  233. وَإِذَا دُعِيتَ إِلَى الرَّسُولِ فَقُلْ لَهُمْ * سَمْعًا وَطَوْعًا لَسْتُ ذَا عِصْيَانِ

  234. وَإِذَا تَكَاثَرتِ الْخُصُومُ وَصَيَّحُوا * فَاثْبُتْ فَصَيْحَتُهُمْ كَمِثْلِ دُخَانِ

  235. يَرْقَى إِلَى الْأَوْجِ الرَّفِيعِ وَبعْدَهُ * يَهوِي إِلَى قَعْرِ الْحَضِيضِ الدَّانِي

  236. هَذَا وَإِنَّ قِتَالَ حِزْبِ اللَّهِ بِالْـ * أَعْمَالِ لَا بِكَتَائِبِ الشُّجْعَانِ

  237. وَاللَّهِ مَا فتَحُوا الْبِلَادَ بِكَثْرَةٍ * أَنَّى وَأَعْدَاهُمْ بِلَا حُسْبَانِ

  238. وَكَذَاكَ مَا فَتَحُوا الْقُلُوبَ بِهَذِهِ الْـ * آرَاءِ بَلْ بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ

  239. وَشَجَاعَةُ الْفُرْسَانِ نَفسُ الزُّهْدِ فِي * نَفْسٍ وَذَا مَحْذُورُ كُلِّ جَبَانِ

  240. وَشَجَاعَةُ الْحُكَّامِ وَالْعُلَمَاءِ زُهْـ * ـدٌ فِي الثَّنَا مِنْ كُلِّ ذِي بُطْلَانِ

  241. فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِقَلْبٍ صَادِقٍ * شَدَّتْ رَكَائِبُهُ إِلَى الرَّحْمٰنِ

  242. وَاقْصِدْ إِلَى الْأَقْرَانِ لَا أَطْرَافِهَا * فَالْعِزُّ تَحْتَ مَقَاتِلِ الْأَقْرَانِ

  243. وَاسْمَعْ نَصِيحَةَ مَنْ لَهُ خُبْرٌ بِمَا * عِنْدَ الْوَرَى مِنْ كَثْرَةِ الْجَوَلَانِ

  244. مَا عِنْدَهُمْ وَاللَّهِ خَيْرٌ غَيْرَ مَا * أَخَذُوهُ عَمَّنْ جَاءَ بِالْقُرْآنِ

  245. وَالْكُلُّ بَعْدُ فَبِدْعةٌ أَوْ فِرْيَةٌ * أَوْ بَحْثُ تَشْكِيكٍ وَرَأْيُ فُلَانِ

  246. فَاصْدَعْ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا تَخْشَ الْوَرَى * فِي اللَّهِ وَاخْشَاهُ تَفُزْ بِأَمَانِ

  247. وَاهْجُرْ وَلَوْ كُلَّ الْوَرَى فِي ذَاتِهِ * لَا فِي هَوَاكَ وَنَخْوَةِ الشَّيْطَانِ

  248. وَاصْبِرْ بِغَيْرِ تَسَخُّطٍ وَشِكَايَةٍ * وَاصْفَحْ بِغَيْرِ عِتَابِ مَنْ هُوَ جَانِ

  249. وَاهْجُرْهُمُ الْهَجْرَ الْجَمِيلَ بِلَا أَذًى * إِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْهِجْرَانِ

  250. وَانْظُرْ إِلَى الْأَقْدَارِ جَارِيَةً بِمَا * قَدْ شَاءَ مِنْ غَيٍّ وَمِنْ إِيمَانِ

  251. وَاجْعَلْ لِقَلْبِكَ مُقْلَتَيْنِ كِلَاهُمَا * بِالْحَقِّ فِي ذَا الْخَلْقِ بَاصِرَتَانِ

  252. فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْحُكْمِ وَارْحَمْهُمْ بِهَا * إِذْ لَا تُرَدُّ مَشِيئَةُ الدَّيَّانِ

  253. وَانْظُرْ بِعَيْنِ الْأَمْرِ وَاحْمِلْهُمْ عَلَى * أَحْكَامِهِ فَهُمَا إِذًا نَظَرَانِ

  254. وَاجْعَلْ لِوَجْهِكَ مُقْلَتَيْنِ كِلَاهُمَا * مِنْ خَشْيَةِ الرَّحْمٰنِ بَاكِيَتَانِ

  255. لَوْ شَاءَ رَبُّكَ كُنْتَ أَيْضًا مِثْلَهُمْ * فَالْقَلْبُ بَيْنَ أَصَابِعِ الرَّحْمٰنِ

  256. وَاحْذَرْ كَمَائِنَ نَفْسِكَ اللَّاتِي مَتَى * خَرَجَتْ عَلَيْكَ كُسِرْتَ كَسْرَ مُهانِ

  257. وَإِذَا انْتَصَرْتَ لَهَا تَكُونُ كَمَنْ بَغَى * طَفْيَ الدُّخَانِ بِمُوقَدِ النِّيرَانِ

  258. وَاللَّهُ أَخْبَرَ وَهْوَ أَصْدقُ قَائِلٍ * أَنْ لَيْسَ يَنْصُرُ عَبْدَهُ بِأَمَانِي

  259. مَنْ يَعْمَلِ السُوأَى سَيُجْزَى مِثْلَهَا * أَوْ يَعْمَلِ الْحُسْنَى يَفُزْ بِجِنَانِ

  260. هَذِي وَصِيَّةُ نَاصِحٍ وَلِنَفْسِهِ * وَصَّى وَبَعْدُ لِسَائِرِ الْإِخْوَانِ

  261. فَاجْلِسْ إِذًا فِي مَجْلِسِ الْحَكَمَيْنِ لِلرَّ * حْمٰنِ لَا لِلنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ

  262. إِحْدَاهُمَا النَّقْلُ الصَّحِيحُ وَبَعْدَه الْـ * ـعَقْلُ الصَّرِيحُ وَفِطْرَةُ الرَّحْمٰنِ

  263. وَاحْكُمْ إِذًا فِي رُفْقَةٍ قَدْ سَافَرُوا * يَبْغُونَ فَاطِرَ هَذِهِ الْأَكْوَانِ

  264. فَتَرَافَقُوا فِي سَيْرِهِمْ وَتَفَارَقُوا * عِنْدَ افْتِرَاقِ الطُّرْقِ بِالْحَيْرَانِ

  265. فَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ وَجَدتُّهُ * هَذَا الْوُجُودَ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِ

  266. مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ سِوَاهُ وَإِنَّمَا * غَلِطَ اللِّسَانُ فَقَالَ مَوْجُودَانِ

  267. فَهُوَ السَّمَاءُ بِعَيْنِهَا وَنُجُومُهَا * وَكَذَلِكَ الْأَفْلَاكُ وَالْقَمَرَانِ

  268. وَهُوَ الْغَمَامُ بِعَيْنِهِ وَالثَّلْجُ وَالْـ * أَمْطَارُ مَعْ بَرَدٍ ومَعْ حُسْبَانِ

  269. وَهُوَ الْهَوَاءُ بِعَيْنِهِ وَالْمَاءُ وَالتُّـ * ـرْبُ الثَّقِيلُ وَنَفْسُ ذِي النِّيرَانِ

  270. هَذِي بَسَائِطُهُ وَمِنْهُ تَرَكَّبَتْ * هَذِي الْمَظَاهِرُ مَا هُنَا شَيْئَانِ

  271. وَهُوَ الْفَقِيرُ لَهَا لِأَجْلِ ظُهُورِهِ * فِيهَا كَفَقْرِ الرُّوحِ لِلْأَبْدَانِ

  272. وَهِيَ الَّتِي افْتَقَرَتْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ * هُوَ ذَاتُهَا وَوُجُودُهَا الْحَقَّانِي

  273. وَتَظَلُّ تَلْبَسُهُ وَتَخْلَعُهُ وَذَا الْـ * إِيجَادُ وَالْإِعْدَامُ كُلَّ أَوَانِ

  274. وَيَظَلُّ يَلْبَسُهَا وَيَخْلَعُهَا وَذَا * حُكْمُ الْمَظَاهِرِ كَيْ يُرَى بِعِيَانِ

  275. وَتَكَثُّرُ الْمَوْجُودِ كَالْأَعْضَاءِ فِي الْـ * ـمَحْسُوسِ مِنْ بَشَرٍ وَمِنْ حَيَوَانِ

  276. أَوْ كَالْقُوَى فِي النَّفْسِ ذَلِكَ وَاحِدٌ * مُتَكَثِّرٌ قَامَتْ بِهِ الْأَمْرَانِ

  277. فَيَكُونُ كُلًّا هَذِهِ أَجَزَاؤُهُ * هَذِي مَقَالَةُ مُدَّعِي الْعِرْفَانِ

  278. أَوْ أَنَّهَا كَتَكَثُّرِ الْأَنْوَاعِ فِي * جِنْسٍ كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الثَّانِي

  279. فَيَكُونُ كُلِّيًّا وَجُزْئِيَّاتُهُ * هَذَا الْوُجُودُ فَهَذِهِ قَوْلَانِ

  280. أُولَاهُمَا نَصُّ الْفُصُوصِ وَبَعْدَهُ * قَوْلُ ابْنِ سَبْعِينٍ وَمَا الْقَوْلَانِ

  281. عِنْدَ الْعَفِيفِ التِّلْمِسَانِيِّ الَّذِي * هُوَ غَايَةٌ فِي الْكُفْرِ وَالْبُهْتَانِ

  282. إِلَّا مِنَ الْأَغْلَاطِ فِي حِسٍّ وَفِي * وَهْمٍ وَتِلْكَ طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ

  283. وَالْكُلُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ * مَا لِلتَّعَدُّدِ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِ

  284. فَالضَّيْفُ وَالْمَأْكُولُ شَيْءٌ وَاحِدٌ * وَالْوَهْمُ يَحْسَبُ هَهُنَا شَيْئَانِ

  285. وَكَذَلِكِ الْمَوْطُوءُ عَيْنُ الْوَاطِ وَالْـ * ـوَهْمُ الْبَعِيدُ يَقُولُ ذَانِ اثْنَانِ

  286. وَلَرُبَّمَا قَالَا مَقَالَتَهُ كَمَا * قَدْ قَالَ قَوْلَهُمَا بِلَا فُرْقَانِ

  287. وَأَبَى سِوَاهُمْ ذَا وَقَالَ مَظَاهِرٌ * تَجْلُوهُ ذَاتُ تَوَحُّدٍ وَمَثَانِ

  288. فَالظَّاهِرُ الْمَجْلُوُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ * لَكِنْ مَظَاهِرُهُ بِلَا حُسْبَانِ

  289. هَذِي عِبَارَاتٌ لَهُمْ مَضْمُونُهَا * مَا ثَمَّ غَيْرٌ قَطُّ فِي الْأَعْيَانِ

  290. فَالْقَوْمُ مَا صَانُوهُ عَنْ إِنْسٍ وَلَا * جِنٍّ وَلَا شَجَرٍ وَلَا حَيَوَانِ

  291. كَلَّا وَلَا عُلْوٍ وَلَا سُفْلٍ وَلَا * وَادٍ وَلَا جَبَلٍ وَلَا كُثْبَانِ

  292. كَلَّا وَلَا طَعْمٍ وَلَا رِيحٍ وَلَا * صَوْتٍ وَلَا لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ

  293. لَكِنَّهُ الْمَطْعُومُ وَالْمَلْمُوسُ وَالْـ * ـمَشْمُومُ وَالْمَسْمُوعُ بِالْآذَانِ

  294. وَكَذَاكَ قَالُوا إِنَّهُ الْمَنْكُوحُ وَالْـ * ـمَذْبُوحُ بَلْ عَيْنُ الْغَوِيِّ الزَّانِي

  295. وَالْكُفْرُ عِنْدَهُمُ هُدًى وَلَوَ انَّهُ * دِينُ الْمَجُوسِ وَعَابِدِي الْأَوْثَانِ

  296. قَالُوا وَمَا عَبَدُوا سِوَاهُ وَإِنَّمَا * ضَلُّوا بِمَا خُصُّوا مِنَ الْأَعْيَانِ

  297. وَلَوَ انَّهُمْ عَمُّوا وَقَالُوا كُلُّهَا * مَعْبُودَةٌ مَا كَانَ مِنْ كُفْرَانِ

  298. فَالْكُفْرُ سَتْرُ حَقِيقَةِ الْمَعْبُودِ بِالتَّـ * ـخْصِيصِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ رَبَّانِي

  299. قَالُوا وَلَم يَكُ كَافِرًا فِي قَوْلِهِ * أَنَا رَبُّكُمْ فِرْعَوْنُ ذُو الطُّغْيَانِ

  300. بَلْ كَانَ حَقًّا قَوْلُهُ إِذْ كَانَ عَيْـ * ـنُ الْحَقِّ مُضْطَلِعًا بِهَذَا الشَّانِ

  301. وَلِذَا غَدًا تَغْرِيقُهُ فِي الْبَحْرِ تَطْهِيرًا مِنَ الْأَوْهَامِ وَالْحُسْبَانِ

  302. قَالُوا وَلَمْ يَكُ مُنْكِرًا مُوسَى لِمَا عَبَدُوهُ مِن عِجْلٍ لَدَى الْخَوَرَانِ

  303. إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَ لَيْسَ بِعَابِدٍ مَعَهُمْ وَأَصْبَحَ ضَيِّقَ الْأَعْطَانِ

  304. وَلِذَاكَ جَرَّ بِلِحْيَةِ الْأَخِ حَيْثُ لَمْ يَكُ وَاسِعًا فِي قَوْمِهِ لِبِطَانِ

  305. بَلْ فَرَّقَ الْإِنْكَارُ مِنْهُ بَيْنَهُمْ لَمَّا سَرَى فِي وَهْمِهِ غَيْرَانِ

  306. وَلَقَدْ رَأَى إِبْلِيسَ عَارِفُهُمْ فَأَهْوَى بِالسُّجُودِ هُوِىَّ ذِي خُضْعَانِ

  307. قَالُوا لَهُ مَاذَا صَنَعْتَ فَقَالَ هَلْ غَيْرُ الْإِلَهِ وَأَنْتُمَا عَمِيَانِ

  308. مَا ثَمَّ غَيْرٌ فَاسْجُدُوا إِنْ شِئْتُمُ لِلشَّمْسِ وَالْأَصْنَامِ وَالشَّيْطَانِ

  309. فَالْكُلُّ عَيْنُ اللَّهِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ وَالْكُلُّ مَعْبُودٌ لِذِي الْعِرْفَانِ

  310. هَذَا هُوَ الْمَعْبُودُ عِنْدَهُمُ فَقُلْ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السُّبْحَانِ

  311. يَا أُمَّةً مَعْبُودُهَا مَوْطُوؤُهَا أَيْنَ الْإِلَهُ وَثُغْرَةُ الطَّعَّانِ

  312. يَا أُمَّةً قَدْ صَارَ مِنْ كُفْرَانِهَا جُزْءًا يَسِيرًا جُمْلَةُ الْكُفْرَانِ

  313. وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ وَجَدتُّهُ بِالذَّاتِ مَوْجُودًا بِكُلِّ مَكَانِ

  314. هُوَ كَالْهَوَاءِ بِعَيْنِهِ لَا عَيْنُهُ مَلَأَ الْخُلُوَّ وَلَا يُرَى بِعِيَانِ

  315. وَالْقَوْمُ مَا صَانُوهُ عَنْ بِئْرٍ وَلَا قَبْرٍ وَلَا حُشٍّ وَلَا أَعْطَانِ

  316. بَلْ مِنْهُمُ مَنْ قَدْ رَأَى تَشْبِيهَهُ بِالرُّوحِ دَاخِلَ هَذِهِ الْأَبْدَانِ

  317. مَا فِيهُمُ مَنْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ عَنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ

  318. لَكِنَّهُمْ حَامُوا عَلَى هَذَا وَلَمْ يَتَجَاسَرُوا مِنْ عَسْكَرِ الْإِيمَانِ

  319. وَعَلَيْهِمُ رَدَّ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدٌ وَصِحَابُهُ مِنْ كُلِّ ذِي عِرْفَانِ

  320. فَهُمُ الْخُصُومُ لِكُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ وَهُمُ الْخُصُومُ لِمُنْزِلِ الْقُرْآنِ

  321. وَلَهُمْ مَقُالُاتٌ ذَكَرْتُ أُصُولَهَا لَمَّا ذَكَرْتُ الْجَهْمَ فِي الْأَوْزَانِ

  322. وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ هَذَا وَلَكِنْ جَدَّ فِي النُّكْرَانِ

  323. فَأَسَرَّ قَوْلَ مُعَطِّلٍ وَمُكَذِّبٍ فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرَّحْمٰنِ

  324. إِذْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِينَا وَلَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ

  325. بَلْ قَالَ لَيْسَ بِبَائِنٍ عَنْهَا وَلَا فِيهَا وَلَا هُوَ عَيْنُهَا بِبَيَانِ

  326. كَلَّا وَلَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا رَحْمٰنِ

  327. وَالْعَرْشُ لَيْسَ عَلَيْهِ مَعْبُودٌ سِوَى الْـ * ـعَدَمِ الَّذِي لَا شَيْءَ فِي الأَعْيَانِ

  328. بَلْ حَظُّهُ مِنْ رَبِّهِ حَظُّ الثَّرَى * مِنْهُ وَحَظُّ قَوَاعِدِ الْبُنْيَانِ

  329. لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ كَانَ كَهَذِهِ الْـ * أَجْسَامِ سُبْحَانَ الْعَظِيمِ الشَّانِ

  330. وَلَقَدْ وَجَدتُّ لِفَاضِلٍ مِنْهُمْ مَقَا * مًا قَامَهُ فِي النَّاسِ مُنْذُ زَمَانِ

  331. قَالَ اسْمَعُوا يَا قَوْمِ إِنَّ نَبِيَّكُمْ * قَدْ قَالَ قَوْلًا وَاضِحَ الْبُرْهَانِ

  332. لَا تَحْكُمُوا بِالفَضْلِ لِي أَصْلًا عَلَى * ذِي النُّونِ يُونُسَ ذَلِكَ الْغَضْبَانِ

  333. هَذَا يَرُدُّ عَلَى الْمُجَسِّمِ قَوْلَهُ * اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْأَكْوَانِ

  334. وَيَدُلُّ أَنَّ إِلَهَنَا سُبْحَانَهُ * وَبِحْمِدِهِ يُلْفَى بِكُلِّ مَكَانِ

  335. قَالُوا لَهُ بَيِّنْ لَنَا هَذَا فَلَمْ * يَفعَلْ فَأَعْطَوْهُ مِنَ الْأَثْمَانِ

  336. أَلْفًا مِنَ الذَّهَبِ الْعَتِيقِ فَقَالَ فِي * تِبْيَانِهِ فَاسْمَعْ لِذَا التِّبْيَانِ

  337. قَدْ كَانَ يُونُسُ فِي قَرَارِ الْبَحْرِ تَحْـ * ـتَ الْمَاءِ فِي قَبْرٍ مِنَ الْحِيتَانِ

  338. وَمُحَمَّدٌ صَعِدَ السَّمَاءَ وَجَاوَزَ السَّـ * ـبْعَ الطِّبَاقَ وَجَازَ كُلَّ عَنَانِ

  339. وَكِلَاهُمَا فِي قُرْبهِ مِنْ رَبِّهِ * سُبْحَانَهُ إِذْ ذَاكَ مُسْتَويَانِ

  340. فَالْعُلْوُ وَالسُّفْلُ اللَّذَانِ كِلَاهُمَا * فِي بُعْدِهِ مِنْ ضِدِّهِ طَرَفَانِ

  341. إِنْ يُنْسَبَا لِلَّهِ نُزِّهَ عَنْهُمَا * بِالْاِخْتِصَاصِ بَلَى هُمَا سِيَّانِ

  342. فِي قُربِ مَنْ أَضْحَى مُقِيمًا فِيهِمَا * مِنْ رَبِّهِ فَكِلَاهُمَا مِثْلَانِ

  343. فَلِأَجْلِ هَذَا خُصَّ يُونُسُ دُونَهُمْ * بِالذِّكْرِ تَحْقِيقًا لِهَذَا الشَّانِ

  344. فَأَتَى النِّثَارُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ * مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِلَا حُسْبَانِ

  345. فَاحْمَدْ إِلَهَكَ أيُّهَا السُّنِّيُّ إِذْ * عَافَاكَ مِنْ تَحْرِيفِ ذِي بُهْتَانِ

  346. وَاللَّهِ مَا يَرْضَى بِهَذَا خَائِفٌ * مِنْ رَبِّهِ أَمْسَى عَلَى الْإِيمَانِ

  347. هَذَا هُوَ الْإِلْحَادُ حَقًّا بَلْ هُوَ الـ * ـتَّحْرِيفُ مَحْضًا أَبْرَدُ الْهَذَيَانِ

  348. وَاللَّهِ مَا بُلِيَ الْمُجَسِّمُ قَطُّ ذِي الْـ * ـبَلْوَى وَلَا أَمْسَى بِذِي الْخِذْلَانِ

  349. أَمْثَالُ ذَا التَّأْوِيلِ أَفْسَدَ هَذِهِ الْـ * أَدْيَانَ حِينَ سَرَى إِلَى الْأَدْيَانِ

  350. وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ حَافِظُ دِينِهِ * لَتَهَدَّمَتْ مِنْهُ قُوَى الْأَرْكَانِ

  351. وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ * هَذَا وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْمِيزَانِ

  352. قَالَ اسْمَعُوا يَا قَوْمُ لَا تُلهِيكُمُ * هَذِي الْأَمَانِي هُنَّ شَرُّ أَمَانِي

  353. أَتَعِبْتُ رَاحِلَتِي وَكَلَّ مَطِيَّتِي * وبَذَلْتُ مَجْهُودِي وَقَدْ أَعْيَانِي

  354. فَتَّشْتُ فَوْقُ وَتَحْتُ ثُمَّ أَمَامَنَا * وَوَرَاءُ ثُمَّ يَسَارُ مَعْ أَيْمَانِ

  355. مَا دَلَّنِي أَحَدٌ عَلَيْهِ هُنَاكُمُ * كَلَّا وَلَا بَشَرٌ إِلَيْهِ هَدَانِي

  356. إِلَّا طَوَائِفُ بِالحَدِيثِ تَمسَّكَتْ * تُعْزَى مَذَاهِبُهَا إِلَى الْقُرْآنِ

  357. قَالُوا الَّذِي تَبْغِيهِ فَوْقَ عِبَادِهِ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ كُلِّ مَكَانِ

  358. وَهُوَ الَّذِي حَقًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَكِنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَكْوَانِ

  359. وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ كُلُّ قَوْلٍ طَيِّبٍ * وَإِلَيْهِ يُرْفَعُ سَعْيُ ذِي الشُّكْرَانِ

  360. وَالرُّوحُ وَالْأَمْلَاكُ مِنْهُ تَنَزَّلَتْ * وَإِلَيْهِ تَعْرُجُ عِنْدَ كُلِّ أَوَانِ

  361. وَإِلَيْهِ أَيْدِي السَّائِلِينَ تَوَجَّهَتْ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِفِطْرَةِ الرَّحْمٰنِ

  362. وَإِلَيْهِ قَدْ عَرَجَ الرَّسُولُ فَقُدِّرَتْ * مِنْ قُرْبِهِ مِنْ رَبِّهِ قَوْسَانِ

  363. وَإِلَيْهِ قَدْ رُفِعَ الْمَسِيحُ حَقِيقَةً * وَلَسَوْفَ يَنْزِلُ كَيْ يُرَى بِعِيَانِ

  364. وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ رُوحُ كُلِّ مُصَدِّقٍ * عِنْدَ الْمَمَاتِ فَيَنْثَنِي بِأَمَانِ

  365. وَإِلَيْهِ آمَالُ الْعِبَادِ تَوَجَّهَتْ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِلَا تَوَاصٍ ثَانِ

  366. بَلْ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي لَمْ يُفْطَرُوا * إِلَّا عَلَيْهَا الْخَلْقُ وَالثَّقَلَانِ

  367. وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّهُمْ فُطِرُوا عَلَى * إِقرَارِهِم لَا شَكَّ بِالدَّيَّانِ

  368. لَكِنْ أُولُو التَّعْطِيلِ مِنْهُمْ أَصْبَحُوا * مَرْضَى بِدَاءِ الْجَهْلِ وَالْخِذْلَانِ

  369. فَسَأَلْتُ عَنْهُمْ رُفْقَتِي وَأَحِبَّتِي * أَصْحَابَ جَهْمٍ حِزْبَ جِنْكِسْخَانِ

  370. مَنْ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُقَالُ لَهُمُ فَقَدْ * جَاؤُوا بِأَمْرٍ مَالِئِ الْآذَانِ

  371. وَلَهُمْ عَلَيْنَا صَوْلَةٌ مَا صَالَهَا * ذُو بَاطِلٍ بَلْ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ

  372. أَوَ مَا سَمِعْتُمْ قَوْلَهُمْ وَكَلَامَهُمْ * مِثْلَ الصَّوَاعِقِ لَيْسَ ذَا لِجَبَانِ

  373. جَاؤُوكُمُ مِنْ فَوْقِكُمْ وَأَتَيْتُمُ * مِنْ تَحْتِهِمْ مَا أَنْتُمُ سِيَّانِ

  374. جَاؤُوكُمُ بِالوَحْيِ لَكِنْ جِئْتُمُ * بِنُحَاتَةِ الْأَفْكَارِ وَالْأَذْهَانِ

  375. قَالُوا مُشَبَّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ فَلَا * تَسْمَعْ مَقَالَ مُجَسِّمٍ حَيَوَانِ

  376. وَالْعَنْهُمُ لَعْنًا كَثِيرًا وَاغْزُهُمْ * بِعَسَاكِرِ التَّعْطِيلِ غَيْرَ جَبَانٍ

  377. وَاحْكُمْ بِسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَبِحَبْسِهِمْ * أَوْ لَا فَشَرِّدْهُمْ عَنِ الأَوْطَانِ

  378. حَذِّرْ صِحَابَكَ مِنْهُمُ فَهُمُ أضَلُّ م * مِنَ اليَهُودِ وعَابِدي الصُّلْبَانِ

  379. وَاحْذَرْ تُجَادِلَهُمْ بِقَالَ اللَّهُ أَوْ * قَالَ الرَّسُولُ فَتَنْثَنِي بِهَوَانِ

  380. أَنَّى وَهُمْ أَوْلَى بِهِ قَدْ أَنْفَدُوا * فِيهِ قُوَى الأَذْهَانِ وَالأَبْدَانِ

  381. فَإِذَا بُلِيتَ بِهِمْ فَغَالِطْهُمْ عَلَى التَّـ * ـأْوِيلِ لِلْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ

  382. وَكَذَاكَ غَالِطْهُمْ عَلَى التَّكذيِبِ لِلْـ * آحَادِ ذَانِ لِصَحْبِنَا أَصْلَانِ

  383. أَوْصَى بِهَا أَشْيَاخُنَا أَشْيَاخَهُمْ * فَاحْفَظْهُمَا بِيَدَيْكَ وَالْأَسْنَانِ

  384. وَإِذَا اجْتَمَعْتَ وَهُمْ بِمَشْهَدِ مَجْلِسٍ * فَابْدُرْ بِإِيرَادٍ وَشَغْلِ زَمَانِ

  385. لَا يَمْلِكُوهُ عَلَيْكَ بِالْآثَارِ وَالْـ * أَخْبَارِ وَالتَّفسِيرِ لِلْفُرْقَانِ

  386. فَتَصِيرَ إِنْ وَافَقْتَ مِثْلَهُمُ وَإِنْ * عَارَضْتَ زِنْدِيقًا أَخَا كُفْرَانِ

  387. وَإِذَا سَكَتَّ يُقَالُ هَذَا جَاهِلٌ * فَابْدُرْ وَلَوْ بِالْفَشْرِ وَالْهَذَيَانِ

  388. هَذَا الَّذِي وَاللَّهِ أَوْصَانَا بِهِ * أَشْيَاخُنَا فِي سَالِفِ الأَزْمَانِ

  389. فَرَجَعْتُ مِنْ سَفَرِي وَقُلْتُ لِصَاحِبِي * وَمَطِيَّتِي قَدْ آذَنَتْ بِحِرَانِ

  390. عَطِّلْ رِكَابَكَ وَاسْتَرِحْ مِنْ سَيْرِهَا * مَا ثَمَّ شَيْءٌ غَيْرُ ذِي الأَكْوَانِ

  391. لَوْ كَانَ لِلْأَكْوَانِ رَبٌّ خَالِقٌ * كَانَ الْمُجَسِّمُ صَاحِبَ الْبُرْهَانِ

  392. أَوْ كَانَ رَبٌّ بَائِنٌ عَنْ هَذَا الْوَرَى * كَانَ الْمُجَسِّمُ صَاحِبَ الْإِيمَانِ

  393. وَلَكِنَ عِندَ النَّاسِ أَوْلَى الْخَلْقِ بِالْـ * إِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ

  394. وَلَكِنْ كَانَ هَذَا الْحِزْبُ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ * لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ اثْنَانِ

  395. فَدَعِ التَّكَالِيفَ الَّتِي حُمِّلْتَهَا * وَاخْلَعْ عِذَارَكَ وَارْمِ بِالْأَرْسَانِ

  396. مَا ثَمَّ فَوْقَ الْعَرْشِ مِن رَبٍّ وَلَمْ * يَتَكَلَّمِ الرَّحْمَـٰنُ بِالْقُرْآنِ

  397. لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ رَبٌّ نَاظِرٌ * لَزِمَ التَّحَيُّزُ وَافْتِقَارُ مَكَانِ

  398. أَوْ كَانَ ذَا الْقُرْآنُ عَيْنَ كَلَامِهِ * حَرْفًا وَصَوْتًا كَانَ ذَا جُثْمَانِ

  399. فَإِذَا انْتَفَى هَذَا وَهَذَا مَا الَّذِي * يَبْقَى عَلَى ذَا النَّفْي مِنْ إِيمَانِ

  400. فَدَعِ الحَلَالَ مَعَ الحَرَامِ لِأَهْلِهِ * فَهُمَا السِّيَاجُ لَهُمْ عَلَى الْبُسْتَانِ