Nooniyah Ibn Al-Qayyim
نونية ابن القيم
﷽
-
حُكْمُ الْمَحَبَّةِ ثَابِتُ الْأَرْكَانِ * مَا لِلصُّدُودِ بِفَسْخِ ذَاكَ يَدَانِ
-
أَنَّى وَقَاضِي الْحُسْنِ نَفَّذَ حُكْمَهَا * فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الْخَصْمَانِ
-
وَأَتَتْ شُهُودُ الْوَصْلِ تَشْهَدُ أَنَّهُ * حَقًّا جَرَى فِي مَجْلِسِ الإِحْسَانِ
-
فَتَأَكَّدَ الْحُكْمُ الْعَزِيزُ فَلَمْ يَجِدْ * فَسْخُ الْوُشَاةِ إِلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ
-
وَلِأَجْلِ ذَا حُكْمُ الْعَذُولِ تَدَاعَتِ الْـ * أَرْكَانُ مِنْهُ فَخَرَّ لِلأَرْكَانِ
-
وَأَتَى الْوُشَاةُ فَصَادَفُوا الْحُكْمَ الَّذِي * حَكَمُوا بِهِ مُتَيَقَّنَ الْبُطْلَانِ
-
مَا صَادَفَ الْحُكْمُ الْمَحَلَّ وَلَا هُوَ اسْـ * ـتَوْفَى الشُّرُوطَ فَصَارَ ذَا بُطْلَانِ
-
فَلِذَاكَ قَاضِى الْحُسْنِ أَثْبَتَ مَحْضَرًا * بِفَسَادِ حُكْمِ الْهَجْرِ وَالسُّلْوَانِ
-
وَحَكَى لَكَ الْحُكْمَ الْمُحَالَ وَنَقْضَهُ * فَاسْمَعْ إِذًا يَا مَنْ لَهُ أُذُنَانِ
-
حَكَمَ الْوُشَاةُ بِغَيْرِ مَا بُرْهَانِ * أَنَّ الْمَحَبَّةَ وَالصُّدُودَ لِدَانِ
-
وَاللَّهِ مَا هَذَا بِحُكْمٍ مُقْسِطٍ * أَيْنَ الْغَرَامُ وَصَدُّ ذِي هِجْرَانِ
-
شَتَّان بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ فَإنْ تُرِدْ * جَمْعًا فَمَا الضِّدَّانِ يَجْتَمِعَانِ
-
يَا وَالِهًا هَانَتْ عَلَيهِ نَفْسُهُ * إذْ بَاعَهَا غَبْنًا بِكُلِّ هَوَانِ
-
أتَبِيعُ مَنْ تَهْواهُ نَفْسُك طَائِعًا * بِالصَّدِّ وَالتَّعْذِيبِ وَالهِجْرَانِ
-
أجَهِلْتَ أَوْصَافَ الْمَبِيعِ وَقَدْرَهُ * أمْ كُنْتَ ذَا جَهْلٍ بِذِي الأَثْمَانِ
-
وَاهًا لِقَلْبٍ لَا يُفارِقُ طَيْرُه الْـ * أَغْصَانَ قَائِمَةً عَلَى الْكُثْبَانِ
-
وَيظَلُّ يَشْجَعُ فَوْقَهَا وَلِغَيْرِهِ * مِنْهَا الثِّمَارُ وَكُلُّ قِطْفٍ دَانِ
-
وَيَبِيتُ يَبْكِي وَالمُوَاصِلُ ضَاحِكٌ * وَيَظَلُّ يَشْكُو وَهْوَ ذُو شُكْرَانِ
-
هَذَا وَلَوْ أَنَّ الْجَمَالَ مُعَلَّقٌ * بِالنَّجْمِ هَمَّ إليْهِ بِالطَّيَرَانِ
-
لِلَّهِ زَائِرَةٌ بِلَيْلٍ لَمْ تَخَفْ * عَسَسَ الْأَمِيرِ وَمَرْصَدَ السَّجَّانِ
-
قَطَعَتْ بِلَادَ الشَّامِ ثُمَّ تَيمَّمَتْ * مِنْ أَرْضِ طَيْبَةَ مَطلِعَ الْإِيمَانِ
-
وَأَتَتْ عَلَى وَادِي الْعَقِيقِ فَجَاوَزَتْ * مِيقَاتَهُ حِلًّا بِلَا نُكْرَانِ
-
وَأَتَتْ عَلَى وَادِي الْأَرَاكِ وَلَمْ يَكُنْ * قَصْدًا لَهَا فَأْلًا بِأَنْ سَتَرَانِي
-
وَأَتَتْ عَلَى عَرَفَاتِ ثُمَّ مُحَسِّرٍ * وَمِنًى فَكَمْ نَحَرَتْهُ مِنْ قُرْبَانِ
-
وَأَتَتْ عَلَى الْجَمَرَاتِ ثُمَّ تَيَمَّمَتْ * ذَاتَ السُّتُورِ وَرَبَّةَ الْأَرْكَانِ
-
هَذَا وَمَا طَافَتْ وَلَا اسْتَلَمَتْ وَلَا * رَمَتِ الْجِمَارَ وَلَا سَعَتْ لِقِرَانِ
-
وَعَلَتْ عَلَى أَعْلَى الصَّفَا فَتَيمَّمَتْ * دَارًا هُنَالِكَ لِلْمُحِبِّ الْعَانِي
-
أَتُرَى الدَّلِيلَ أَعَارَهَا أَثْوَابَهُ * وَالرِّيحَ أَعْطَتْهَا مِنَ الْخَفَقَانِ
-
وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الدَّلِيلَ مَكَانَهَا * مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي إِمْكَانِ
-
هَذَا وَلَوْ سَارَتْ مَسِيرَ الرِّيحِ مَا * وَصَلَتْ بِهِ لَيْلًا إِلَى نَعْمَانِ
-
سَارَتْ وَكَانَ دَلِيلَهَا فِي سَيْرِهَا * سَعْدُ السُّعُودِ وَلَيْسَ بِالدَّبَرَانِ
-
وَرَدَتْ جِفَارَ الدَّمْعِ وَهْيَ غَزِيرَةٌ * فَلِذَاكَ مَا احْتَاجَتْ وُرُودَ الضَّانِ
-
وَعَلَتْ عَلَى مَتْنِ الْهَوَى وَتَزَوَّدَتْ * ذِكْرَ الحَبِيبِ وَوَصْلَهُ الْمُتَدَانِي
-
عَدَتْ بِزَوْرَتِهَا فَأَوْفَتْ بِالَّذِي * وَعَدَتْ وَكَانَ بِمُلْتَقَى الْأَجْفَانِ
-
لَمْ تَفْجَأِ الْمُشْتَاقَ إِلَّا وَهْيَ دَا * خِلَةُ السُّتُورِ بِغَيْرِ مَا اسْتِئْذَانِ
-
قَالَتْ وَقَدْ كَشَفَتْ نِقَابَ الْحُسْنِ مَا * بِالصَّبْرِ لِي عَنْ أنْ أَرَاكَ يَدانِ
-
وَتَحَدَّثَتْ عِنْدِي حَدِيثًا خِلْتُهُ * صِدْقًا وَقَدْ كَذَبَتْ بِهِ الْعَيْنَانِ
-
فَعَجِبْتُ مِنْهُ وَقُلْتُ مَنْ فَرَحِي بِهِ * طَمَعًا وَلَكِنَّ الْمَنَامَ دَهَانِي
-
إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةَ الَّذِي حَدَّثْتِنِي * فَعَلَيْكِ إِثْمُ الْكَاذِبِ الْفَتَّانِ
-
جَهْمِ بْنِ صَفْوَانٍ وَشِيعَتِهِ الأُلَى * جَحَدُوا صِفَاتِ الْخَالِقِ الْمَنَّانِ
-
بَلْ عَطَّلُوا مِنْهُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشَ أَخْلَوْهُ مِنَ الرَّحْمٰنِ
-
وَنَفَوْا كَلَامَ الرَّبِّ جلَّ جَلَالُهُ * وَقَضَوْا لَهُ بِالْخَلْقِ وَالْحِدْثَانِ
-
قَالُوا وَلَيْسَ لِرَبِّنَا سَمْعٌ وَلَا * بَصَرٌ وَلَا وَجْهٌ فَكَيْفَ يَدَانِ
-
وَكَذَاكَ لَيْسَ لِرَبِّنَا مِنْ قُدْرَةٍ * وَإِرَادَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَحَنَانِ
-
كَلَّا وَلَا وَصْفٌ يَقُومُ بِهِ سِوَى * ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ بِغَيْرِ مَعَانِ
-
وَحَيَاتُهُ هِيَ نَفْسُهُ وَكَلَامُهُ * هُوَ غَيْرُهُ فَاعْجَبْ لِذَا الْبُهْتَانِ
-
وَكَذَاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِنْ خَلْقِهِ * أَحَدٌ يَكُونُ خَلِيلَهُ النَّفْسَانِي
-
وَخَلِيلُهُ الْمُحْتَاجُ عِنْدَهُمُ وَفِي * ذَا الْوَصْفِ يَدْخُلُ عَابِدُ الْأَوْثَانِ
-
فَالْكُلُّ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ لِذَاتِهِ * فِي أَسْرِ قَبْضَتِهِ ذَلِيلٌ عَانِ
-
وَلِأَجْلِ ذَا ضَحَّى بِجَعْدٍ خَالِدُ الْـ * ـقَسْرِيُّ يَوْمَ ذَبَائِحِ الْقُرْبَانِ
-
إِذْ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ خَلِيلَهُ * كَلَّا وَلَا مُوسَى الْكَلِيمَ الدَّانِي
-
شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ * لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ
-
وَالْعَبْدُ عِنْدَهُمُ فَلَيْسَ بِفَاعِلٍ * بَلْ فِعْلُهُ كَتَحَرُّكِ الرَّجْفَانِ
-
وَهُبُوبِ رِيحٍ أَوْ تَحَرُّكِ نَائِمٍ * وَتَحَرُّكِ الْأَشْجَارِ لِلْمَيَلَانِ
-
وَاللَّهُ يُصْلِيهِ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ * أفْعَالِهِ حَرَّ الْحَمِيمِ الآنِي
-
لَكِنْ يُعَاقِبُهُ عَلَى أَفْعَالِهِ * فِيهِ تَعَالَى اللَّهُ ذُو الْإِحْسَانِ
-
وَالظُّلْمُ عِنْدَهُمُ الْمُحَالُ لِذَاتِهِ * أنَّى يُنَزَّهُ عَنْهُ ذُو السُّلْطَانِ
-
وَيَكُونُ مَدْحًا ذَلِكَ التَّنْزِيهُ مَا * هَذَا بِمَعْقُولٍ لَدَى الْأَذْهَانِ
-
وَكَذَاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِنْ حِكْمَةٍ * هِيَ غَايَةٌ لِلْأَمْرِ وَالْإِتْقَانِ
-
مَا ثَمَّ غَيْرُ مَشِيئَةٍ قَدْ رَجَّحَتْ * مِثْلًا عَلَى مِثْلٍ بِلَا رُجْحَانِ
-
هَذَا وَمَا تِلْكَ الْمَشِيئَةُ وَصْفَهُ * بَلْ ذَاتُهُ أَوْ فِعْلُهُ قَولَانِ
-
وَكَلَامُهُ مُذْ كَانَ غَيْرًا كَانَ مَخْـ * ـلُوقًا لَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ
-
قَالُوا وَإقْرَارُ الْعِبَادِ بِأَنَّهُ * خَلَّاقُهُمْ هُوَ مُنْتَهَى الْإِيْمَانِ
-
وَالنَّاسُ فِي الْإِيمَانِ شَيْءٌ وَاحِدٌ * كَالْمُشْطِ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْأَسْنَانِ
-
فَاسْأَلْ أَبَا جَهْلٍ وَشِيعَتَهُ وَمَنْ * وَالَاهُمُ مِنْ عَابِدِي الْأَوْثَانِ
-
وَسَلِ الْيَهُودَ وَكُلَّ أَقْلَفَ مُشْرِكٍ * عَبَدَ المَسِيحَ مُقَبِّلَ الصُّلْبَانِ
-
وَاسْأَلْ ثَمُودَ وَعَادَ بَلْ سَلْ قَبْلَهُمْ * أعْدَاءَ نُوحٍ أُمَّةَ الطُّوفَانِ
-
وَاسْأَلْ أَبَا الجِنِّ اللَّعِينَ أَتَعْرِفُ الْـ * ـخَلَّاقَ أَمْ أَصْبَحْتَ ذَا نُكْرَانِ
-
وَاسْأَلْ شِرَارَ الْخَلْقِ أَعْنِي أُمَّةً * لُوطِيَّةً هُمْ نَاكِحُو الذُّكْرَانِ
-
وَاسْأَلْ كَذَاكَ إِمَامَ كُلِّ مُعَطِّلٍ * فِرعَونَ مَعْ قَارُونَ مَعْ هَامَانِ
-
هَلْ كَانَ فِيهِمْ مُنْكِرٌ لِلْخالِقِ الرَّ * بِّ الْعَظِيمِ مُكَوِّنِ الْأَكْوَانِ
-
فَلْيُبْشِرُوا مَا فِيهِمُ مِنْ كَافِرٍ * هُمْ عِنْدَ جَهْمٍ كَامِلُو الْإِيمَانِ
-
وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مُعَطَّلًا * وَالْفِعْلُ مُمْتَنِعٌ بِلَا إِمْكَانِ
-
ثُمَّ اسْتَحَالَ وصَارَ مَقْدُورًا لَهُ * مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ قَامَ بِالدَّيَّانِ
-
بَلْ حَالُهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَاتِهِ * قَبْلَ الْحُدُوثِ وَبَعْدَهُ سِيَّانِ
-
وَقَضَى بِأَنَّ النَّارَ لَمْ تُخْلَقْ وَلَا * جَنَّاتُ عَدْنٍ بَلْ هُمَا عَدَمَانِ
-
فَإِذَا هُمَا خُلِقَا لِيَوْمِ مَعَادِنَا * فَهُمَا عَلَى الْأَوْقَاتِ فَانِيَتَانِ
-
وَتَلَطَّفَ الْعَلَّافُ مِنْ أَتْبَاعِهِ * فَأَتَى بِضُحْكَةِ جَاهِلٍ مَجَّانِ
-
قَالَ الْفَنَاءُ يَكُونُ فِي الْحَرَكاتِ لَا * فِي الذَّاتِ وَاعَجَبَا لِذَا الْهَذَيَانِ
-
أَيَصِيرُ أَهْلُ الْخُلْدِ فِي جَنَّاتِهِمْ * وجَحِيمِهِمْ كَحِجَارَةِ الْبُنْيَانِ
-
مَا حَالُ مَنْ قَدْ كَانَ يَغْشَى أَهْلَهُ * عِنْدَ انْقِضَاءِ تَحَرُّكِ الْحَيَوَانِ
-
وَكَذَاكَ مَا حَالُ الَّذِي رَفَعَتْ يَدَا * هُ أُكْلَةً مِنْ صَحْفَةٍ وَخِوَانِ
-
فَتَنَاهَتِ الْحَرَكَاتُ قَبْلَ وُصُولِهَا * لِلْفَمِّ عِنْدَ تَفَتُّحِ الْأَسْنَانِ
-
وَكَذَاكَ مَا حَالُ الَّذِي امْتَدَّتْ يَدٌ * مِنْهُ إِلَى قِنْوٍ مِنَ الْقِنْوَانِ
-
فَتَنَاهَتِ الْحَرَكَاتُ قَبْلَ الْأَخْذِ هَلْ * يَبْقَى كَذَلِكَ سَائِرَ الْأَزْمَانِ
-
تَبًّا لِهَاتِيكَ الْعُقُولِ فَإِنَّهَا * وَاللَّهِ قَدْ مُسِخَتْ عَلَى الْأَبْدَانِ
-
تَبًّا لِمَنْ أَضْحَى يُقَدِّمُهَا عَلَى الْـ * آثارِ وَالْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ
-
وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ خَلْقَهُ * عَدَمًا وَيقْلِبُهُ وُجُودًا ثَانِي
-
الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ وَالْأَرْوَاحُ وَالْـ * أَمْلَاكُ وَالْأَفْلَاكُ وَالْقَمَرَانِ
-
وَالْأَرْضُ وَالْبَحْرُ الْمُحِيطُ وَسَائِرُ الْـ * أَكْوَانِ مِنْ عَرَضٍ وَمِنْ جُثْمَانِ
-
كُلٌّ سَيُفْنِيهِ الْفَنَاءَ الْمَحْضَ لَا * يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ كَظِلٍّ فَانِ
-
وَيُعِيدُ ذَا الْمَعْدُومَ أَيْضًا ثَانِيًا * مَحْضَ الْوُجُودِ إِعَادَةً بِزَمَانِ
-
هَذَا الْمَعَادُ وَذَلِكَ الْمَبْدَا لَدَى * جَهْمٍ وقَدْ نَسَبُوهُ لِلْقُرْآنِ
-
هَذَا الِّذِي قَادَ ابْنَ سِينَا وَالْأُلَى * قَالُوا مَقَالَتَهُ إِلى الْكُفْرَانِ
-
لَمْ تَقْبَلِ الْأَذْهَانُ ذَا وَتَوَهَّمُوا * أنَّ الرَّسُولَ عَنَاهُ بِالْإِيمَانِ
-
هَذَا كِتَابُ اللَّهِ أنَّى قَالَ ذَا * أوْ عَبْدُهُ الْمَبْعُوثُ بِالبُرْهَانِ
-
أَوْ صَحْبُهُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْ تَابِعٌ * لَهُمُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ
-
بَلْ صَرَّحَ الْوَحْيُ الْمُبِيْنُ بِأَنَّهُ * حَقًّا مُغِيِّرُ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
فَيُبَدِّلُ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى * وَالْأَرْضَ أَيْضًا ذَانِ تَبْدِيلَانِ
-
وَهُمَا كَتَبْدِيلِ الْجُلُودِ لِسَاكِنِي النِّـ * ـيرَانِ عِنْدَ النُّضْجِ مِنْ نِيرَانِ
-
وَكَذَاكَ يَقْبِضُ أَرْضَهُ وَسَمَاءَهُ * بِيَدَيْهِ مَا الْعَدَمَانِ مَقْبُوضَانِ
-
وَتُحَدِّثُ الْأَرْضُ الَّتِي كُنَّا بِهَا * أَخْبَارَهَا فِي الْحَشْرِ لِلرَّحْمٰنِ
-
وَتَظَلُّ تَشْهَدُ وَهْيَ عَدْلٌ بِالَّذِي * مِنْ فَوْقِهَا قَدْ أَحْدَثَ الثَّقَلَانِ
-
أَفَيَشْهَدُ الْعَدَمُ الَّذِي هُوَ كَاسْمِهِ * لَا شَيْءَ هَذَا لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ
-
لَكِنْ تُسَوَّى ثُمَّ تُبْسَطُ ثُمَّ تَشْـ * ـهَدُ ثُمَّ تُبْدَلُ وَهْيَ ذَاتُ كِيانِ
-
وَتُمَدُّ أَيْضًا مِثْلَ مَدِّ أَدِيمِنَا * مِنْ غَيْرِ أَوْدِيَةٍ وَلَا كُثْبَانِ
-
وَتَقِيءُ يَوْمَ العَرْضِ ذَا أَكْبَادَهَا * كَالْأُسْطُوَانِ نَفَائِسَ الْأَثْمَانِ
-
كُلٌّ يَرَاهُ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِهِ * مَا لِامْرِئٍ بِالْأَخْذِ مِنْهُ يَدَانِ
-
وَكَذَا الْجِبَالُ تُفَتُّ فَتًّا مُحْكَمًا * فَتَعُودُ مِثْلَ الرَّمْلِ ذِي الْكُثْبَانِ
-
وَتَكُونُ كَالْعِهْنِ الَّذِي أَلْوَانُهُ * وَصِبَاغُهُ مِنْ سَائِرِ الْأَلْوَانِ
-
وَتُبَسُّ بَسًّا مِثْلَ ذَاكَ فَتَنْثَنِي * مِثْلَ الْهَبَاءِ لِنَاظِرِ الْإِنْسَانِ
-
وَكَذَا الْبِحَارُ فَإِنَّهَا مَسْجُورَةٌ * قَدْ فُجِّرَتْ تَفْجِيرَ ذِي سُلْطَانِ
-
وَكَذَلِكَ الْقَمَرَانِ يَأْذَنُ رَبُّنَا * لَهُمَا فَيَجْتَمِعَانِ يَلْتَقِيَانِ
-
هَذِي مُكَوَّرَةٌ وَهَذَا خَاسِفٌ * وَكِلَاهُمَا فِي النَّارِ مَطْرُوحَانِ
-
وَكَوَاكِبُ الْأَفْلَاكِ تُنْثَرُ كُلُّهَا * كَلَآلِئٍ نُثِرَتْ عَلَى مَيْدَانِ
-
وَكَذَا السَّمَاءُ تُشَقُّ شَقًّا ظَاهِرًا * وَتَمُورُ أَيْضًا أَيَّمَا مَوَرَانِ
-
وَتَصِيرُ بَعْدَ الْاِنْشِقَاقِ كَمِثْلِ هَـ * ـذَا الْمُهْلِ أَوْ تَكُ وَرْدَةً كَدِهَانِ
-
وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ لَا يُفْنِيهُمَا * أَيْضًا وَإنَّهُمَا لَمَخْلُوقَانِ
-
وَالْحُورُ لَا تَفْنَى كَذَلِكَ جَنَّةُ الْـ * ـمَأْوَى وَمَا فِيهَا مِنَ الْوِلْدَانِ
-
وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ جَهْمٌ إِنَّهَا * عَدَمٌ وَلَمْ تُخْلَقْ إِلَى ذَا الْآنِ
-
وَالْأَنْبِيَاءُ فَإِنَّهُمْ تَحْتَ الثَّرَى * أَجْسَامُهُمْ حُفِظَتْ مِنَ الدِّيدَانِ
-
مَا لِلْبَلَى بِلُحُومِهِمْ وَجُسُومِهِمْ * أَبَدًا وَهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ يَدَانِ
-
وَكَذَاكَ عَجْبُ الظَّهْرِ لَا يَبْلَى بَلَى * مِنْهُ تُركَّبُ خِلْقَةُ الْإِنْسَانِ
-
وَكَذَلِكَ الْأَرْوَاحُ لَا تَبْلَى كَمَا * تَبْلَى الْجُسُومُ وَلَا بِلَى اللُّحْمَانِ
-
وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُقِرَّ الْجَهْمُ بِالْـ * ـأَرْوَاحِ خَارِجَةً عَنِ الْأَبْدَانِ
-
لَكِنَّهَا مِنْ بَعْضِ أَعْرَاضٍ بِهَا * قَامَتْ وَذَا فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ
-
فَالشَّأْنُ لِلْأَرْوَاحِ بَعْدَ فِرَاقِهَا * أَبْدَانَنَا وَاللَّهِ أَعْظَمُ شَانِ
-
إِمَّا عَذَابٌ أَوْ نَعِيمٌ دَائِمٌ * قَدْ نُعِّمَتْ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ
-
وَتَصِيرُ طَيْرًا سَارِحًا مَعَ شَكْلِهَا * تَجْنِي الثِّمَارَ بِجَنَّةِ الْحَيَوَانِ
-
وَتَظَلُّ وَارِدَةً لِأَنْهَارٍ بِهَا * حَتَّى تَعُودَ لِذَلِكَ الْجُثْمَانِ
-
لَكِنَّ أَرْوَاحَ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا * فِي جَوْفِ طَيْرٍ أخْضَرٍ رَيَّانِ
-
فَلَهُمْ بِذَاكَ مَزِيَّةٌ فِي عَيْشِهِمْ * وَنَعِيمُهُمْ لِلرُّوحِ وَالْأَبْدَانِ
-
بَذَلُوا الْجُسُومَ لِرَبِّهِمْ فَأَعَاضَهُمْ * أَجْسَامَ تِلْكَ الطَّيْرِ بِالْإِحْسَانِ
-
وَلَهَا قَنَادِيلٌ إِلَيْهَا تَنْتَهِي * مَأْوًى لَهَا كَمَسَاكِنِ الْإِنْسَانِ
-
فَالرُّوحُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَكْمَلُ حَالَةً * مِنْهَا بِهَذِي الدَّارِ فِي جُثْمَانِ
-
وَعَذَابُ أَشْقَاهَا أَشَدُّ مِنَ الَّذِي * قَدْ عَايَنَتْ أَبْصَارُنَا بِعِيَانِ
-
وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا عَرَضٌ أَبَوْا * ذَا كُلَّهُ تَبًّا لِذِي نُكْرَانِ
-
وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِخْرَاجَ الْوَرَى * بَعْدَ الْمَمَاتِ إِلَى الْمَعَادِ الثَّانِي
-
أَلْقَى عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي هُمْ تَحْتَهَا * وَاللَّهُ مُقْتَدِرٌ وَذُو سُلْطَانِ
-
مَطَرًا غَلِيظًا أَبْيَضًا مُتَتَابِعًا * عَشْرًا وَعَشْرًا بَعْدَهَا عَشْرَانِ
-
فَتَظَلُّ تَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَامُ الْوَرَى * وَلُحُومُهُمْ كَمَنَابِتِ الرَّيْحَانِ
-
حَتَّى إِذَا مَا الْأُمُّ حَانَ وِلَادُهَا * وَتَمَخَّضَتْ فَنِفَاسُهَا مُتَدَانِ
-
أَوْحَى لَهَا رَبُّ السَّمَا فَتَشَقَّقَتْ * فَبَدَا الْجَنِينُ كَأَكْمَلِ الشُّبَّانِ
-
وَتَخَلَّتِ الْأُمُّ الْوَلُودُ وَأَخْرَجَتْ * أَثْقَالَهَا أُنْثَى وَمِنْ ذُكْرَانِ
-
وَاللَّهُ يُنْشِئُ خَلْقَهُ فِي نَشْأَةٍ * أُخْرَى كَمَا قَدْ قَالَ فِي الْفُرْقَانِ
-
هَذَا الَّذِي جَاءَ الْكِتَابُ وَسُنَّةُ الْـ * ـهَادِي بِهِ فَاحْرِصْ عَلَى الْإِيمَانِ
-
مَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُعْدِمُ خَلْقَهُ * طُرًّا كَقَوْلِ الْجَاهِلِ الْحَيْرَانِ
-
وَقَضَى بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِفَاعِلٍ * فِعْلًا يَقُومُ بِهِ بِلَا بُرْهَانِ
-
بَلْ فِعْلُهُ الْمَفْعُولُ خَارِجَ ذَاتِهِ * كَالْوَصْفِ غَيْرِ الذَّاتِ فِي الْحُسْبَانِ
-
وَالْجَبْرُ مَذْهَبُهُ الَّذِي قَرَّتْ بِهِ * عَيْنُ الْعُصَاةِ وَشِيعَةِ الشَّيْطَانِ
-
كَانُوا عَلَى وَجَلٍ مِنَ الْعِصْيَانِ إِذْ * هُوَ فِعْلُهُم وَالذَّنْبُ لِلْإِنْسَانِ
-
وَاللَّوْمُ لَا يَعْدُوهُ إِذْ هُوَ فَاعِلٌ * بِإِرَادَةٍ وَبِقُدْرَةِ الْحَيَوَانِ
-
فَأَرَاحَهُمْ جَهْمٌ وَشِيعَتُهُ مِنَ اللَّـ * ـوْمِ الْعَنِيفِ وَمَا قَضَوْا بِأَمَانِ
-
لَكِنَّهُمْ حَمَلُوا ذُنُوبَهُمُ عَلَى * رَبِّ الْعِبَادِ بِعِزَّةٍ وَأَمَانِ
-
وَتَبَرَّؤُوا مِنْهَا وَقَالُوا إِنَّهَا * أَفْعَالُهُ مَا حِيلَةُ الْإِنْسَانِ
-
مَا كَلَّفَ الْجَبَّارُ نَفْسًا وُسْعَهَا * أَنَّى وَقَدْ جُبِلَتْ عَلَى الْعِصْيَانِ
-
وَكَذَا عَلَى الطَّاعَاتِ أَيْضًا قَدْ غَدَتْ * مَجْبُورَةً فَلَهَا إِذًا جَبْرَانِ
-
وَالْعَبْدُ فِي التَّحْقِيقِ شِبْهُ نَعَامَةٍ * قَدْ كُلِّفَتْ بِالْحَمْلِ وَالطَّيَرَانِ
-
إِذْ كَانَ صُورَتُهَا تَدُلُّ عَلَيْهِمَا * هَذَا وَلَيْسَ لَهَا بِذَاكَ يَدَانِ
-
فَلِذَاكَ قَالَ بِأَنَّ طَاعَاتِ الْوَرَى * وَكَذَاكَ مَا فَعَلُوهُ مِنْ عِصْيَانِ
-
هِيَ عَيْنُ فِعْلِ الرَّبِّ لَا أَفْعَالُهُمْ * فَيَصِحُّ عَنْهُمْ عِنْدَ ذَا نَفْيَانِ
-
نَفْيٌ لِقُدْرتِهِمْ عَلَيْهَا أَوَّلًا * وَصُدُورِهَا مِنْهُمْ بِنَفْيٍ ثَانِ
-
فَيُقَالُ مَا صَامُوا وَلَا صَلَّوْا وَلَا * زَكَّوْا وَلَا ذَبَحُوا مِنَ القُرْبَانِ
-
وَكَذَاكَ مَا شرِبُوا وَمَا قَتَلُوا وَلَا * سَرَقُوا وَلَا فِيهِمْ غَوِيٌّ زَانِ
-
وَكَذَاكَ لَمْ يَأْتُوا اخْتِيَارًا مِنْهُمُ * بِالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِيْمَانِ
-
إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّهَا * قَامَتْ بِهِمْ كَالطَّعْمِ وَالْأَلْوَانِ
-
جُبِرُوا عَلَى مَا شَاءَهُ خَلَّاقُهُمْ * مَا ثَمَّ ذُو عَوْنٍ وَغَيْرُ مُعَانِ
-
الْكُلُّ مَجْبُورٌ وَغَيْرُ مُيَسَّرٍ * كَالْمَيْتِ أُدْرِجَ دَاخِلَ الْأَكْفَانِ
-
وَكَذَاكَ أَفْعَالُ الْمُهَيْمِنِ لَمْ تَقُمْ * أَيْضًا بِهِ خَوْفًا مِنَ الْحَدَثَانِ
-
فَإِذَا جَمَعْتَ مَقَالَتَيْهِ أَنْتَجَا * كَذِبًا وَزُورًا وَاضِحَ الْبُهْتَانِ
-
إِذْ لَيْسَتِ الْأَفْعَالُ فِعْلَ إِلَهِنَا * وَالرَّبُّ لَيْسَ بِفَاعِلِ العِصْيَانِ
-
فَإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الْإِلَهِ وَفِعْلُهُ * وَكَلَامُهُ وَفَعَائِلُ الْإِنْسَانِ
-
فَهُنَاكَ لَا خَلْقٌ وَلَا أَمْرٌ وَلَا * وَحْيٌ وَلَا تَكْلِيفُ عَبْدٍ فَانِ
-
وَقَضَى عَلَى أَسْمَائِهِ بِحُدُوثِهَا * وبِخَلْقِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ
-
فَانْظُرْ إِلَى تَعْطِيلِهِ الْأَوْصَافَ وَالْـ * أفْعَالَ وَالْأَسْمَاءَ لِلرَّحْمٰنِ
-
مَاذَا الَّذِي فِي ضِمْنِ ذَا التَّعْطِيلِ مِنْ * نَفْيٍ وَمِنْ جَحْدٍ وَمِنْ كُفْرَانِ
-
لَكِنَّهُ أَبْدَى الْمَقَالَةَ هَكَذَا * فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرَّحْمٰنِ
-
وَأَتَى إِلَى الْكُفْرِ الْعَظِيمِ فَصَاغَهُ * عِجْلًا لِيَفْتِنَ أُمَّةَ الثِّيرَانِ
-
وَكَسَاهُ أنْوَاعَ الْجَوَاهِرِ وَالحُلِيَّ * مِنْ لُؤْلُؤٍ صَافٍ وَمِنْ عِقْيَانِ
-
فَرَآهُ ثِيرَانُ الْوَرَى فَأَصَابَهُمْ * كَمُصَابِ إِخْوَتِهِمْ قَدِيمَ زَمَانِ
-
عِجْلَانِ قَدْ فَتَنَا العِبَادَ بِصَوْتِهِ * إِحْدَاهُمَا وَبِحَرفِهِ ذَا الثَّانِي
-
وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ فَأَهْلُ ظَوَاهِرٍ * تَبْدُو لَهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ مَعَانِ
-
فَهُمُ الْقُشُورُ وَبِالْقُشُورِ قِوَامُهُم * وَاللُّبُّ حَظُّ خُلَاصَةِ الْإِنْسَانِ
-
وَلِذَا تَقَسَّمَتِ الطَّوَائِفُ قَوْلَهُ * وَتَوَارَثُوهُ إِرْثَ ذِي السُّهْمَانِ
-
لَمْ يَنْجُ مِنْ أَقْوَالِهِ طُرًّا سِوَى * أَهْلِ الْحَدِيثِ وَشِيْعَةِ الْقُرْآنِ
-
فَتَبَرَّؤُوا مِنْهَا بَرَاءَةَ حَيْدَرٍ * وَبَرَاءَةَ الْمَوْلُودِ مِنْ عِمْرَانِ
-
مِنْ كُلِّ شِيعِيٍّ خَبِيثٍ وَصْفُهُ * وَصْفُ الْيَهُودِ مُحَلِّلِي الْحِيتَانِ
-
يَأَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُرِيدُ نَجَاتَهُ * اِسْمَعْ مَقَالَةَ نَاصِحٍ مِعْوَانِ
-
كُنْ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا مُتَمَسِّكًا * بِالْوَحْيِ لَا بِزَخَارِفِ الْهَذَيَانِ
-
وَانْصُرْ كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي * جَاءَتْ عَنِ الْمَبْعُوثِ بِالْفُرْقَانِ
-
وَاضْرِبْ بِسَيْفِ الْوَحْيِ كُلَّ مُعَطِّلٍ * ضَرْبَ الْمُجَاهِدِ فَوْقَ كُلِّ بَنَانِ
-
وَاحْمِلْ بِعَزْمِ الصِّدْقِ حَمْلَةَ مُخْلِصٍ * مُتَجِرِّدٍ لِلَّهِ غَيْرِ جَبَانِ
-
وَاثْبُتْ بِصَبْرِكَ تَحْتَ أَلْوِيَةِ الْهُدَى * فَإِذَا أُصِبْتَ فَفِي رِضَا الرَّحْمٰنِ
-
وَاجْعَلْ كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي * ثَبَتَتْ سِلَاحَكَ ثُمَّ صِحْ بِجَنَانِ
-
مَنْ ذَا يُبارِزُ فَلْيُقَدِّمْ نَفْسَهُ * أَوْ مَنْ يُسَابِقْ يَبْدُ فِي الْمَيْدَانِ
-
وَاصْدَعْ بِمَا قَالَ الرَّسُولُ وَلَا تَخَفْ * مِنْ قِلَّةِ الْأَنْصَارِ وَالْأَعْوَانِ
-
فَاللَّهُ نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ * وَاللَّهُ كَافٍ عَبْدَهُ بِأَمَانِ
-
لَا تَخْشَ مِنْ كَيْدِ الْعَدُوِّ وَمَكْرِهِمْ * فَقِتَالُهُمْ بِالْكِذْبِ وَالْبُهْتَانِ
-
فَجُنُودُ أَتْبَاعِ الرَّسُولِ مَلَائِكٌ * وَجُنُودُهُمْ فَعَسَاكِرُ الشَّيْطَانِ
-
شَتَّانَ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَمَنْ يَكُنْ * مُتَحَيِّزًا فَلْيَنْظُرِ الْفِئَتَانِ
-
وَاثْبُتْ وَقَاتِلْ تَحْتَ رَايَاتِ الْهُدَى * وَاصْبِرْ فَنَصْرُ اللَّهِ رَبِّكَ دَانِ
-
وَاذْكُرْ مَقَاتِلَهُمْ لِفُرْسَانِ الْهُدَى * لِلَّهِ دَرُّ مَقَاتِلِ الْفُرْسَانِ
-
وَادْرَأْ بِلَفْظِ النَّصِّ فِي نَحْرِ الْعِدَا * وَارْجُمْهُمُ بِثَوَاقِبِ الشُّهْبَانِ
-
لَا تَخْشَ كَثْرَتَهُمْ فَهُمْ هَمَجُ الْوَرَى * وَذُبَابُهُ أَتَخَافُ مِنْ ذِبَّانِ
-
وَاشْغَلْهُمُ عِنْدَ الْجِدَالِ بِبَعْضِهِمْ * بَعْضًا فَذَاكَ الْحَزْمُ لِلْفُرْسَانِ
-
وَإِذَا هُمُ حَمَلُوا عَلَيْكَ فَلَا تَكُنْ * فَزِعًا لِحَمْلَتِهِمْ وَلَا بِجَبَانِ
-
وَاثْبُتْ وَلَا تَحْمِلْ بِلَا جُنْدٍ فَمَا * هَذَا بِمَحْمُودٍ لَدَى الشُّجْعَانِ
-
فَإِذَا رَأَيْتَ عِصَابَةَ الْإِسْلَامِ قَدْ * وَافَتْ عَسَاكِرُهَا مَعَ السُّلْطَانِ
-
فَهُنَاكَ فَاخْتَرِقِ الصُّفُوفَ وَلَا تَكُنْ * بِالْعَاجِزِ الْوَانِي وَلَا الْفَزْعَانِ
-
وَتَعَرَّ مِنْ ثَوْبَيْنِ مَنْ يَلْبَسْهُمَا * يَلْقَ الرَّدَى بِمَذَمَّةٍ وَهَوَانِ
-
ثَوْبٌ مِنَ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ فَوْقَهُ * ثَوْبُ التَّعَصُّبِ بِئْسَتِ الثَّوبَانِ
-
وَتَحَلَّ بِالْإِنْصَافِ أَفْخَرِ حُلَّةٍ * زِينَتْ بِهَا الْأَعْطَافُ وَالْكَتِفَانِ
-
وَاجْعَلْ شِعَارَكَ خَشْيَةَ الرَّحْمٰنِ مَعْ * نُصْحِ الرَّسُولِ فَحَبَّذَا الْأَمْرَانِ
-
وَتَمَسَّكَنَّ بِحَبْلِهِ وَبِوَحْيِهِ * وَتَوَكَّلَنَّ حَقِيقَةَ التُّكْلَانِ
-
فَالْحَقُّ وَصْفُ الرَّبِّ وَهْوَ صِرَاطُهُ الْـ * ـهَادِي إِلَيْهِ لِصَاحِبِ الْإِيمَانِ
-
وَهُوَ الصِّرَاطُ عَلَيْهِ رَبُّ الْعَرْشِ أَيْ * ضًا ذَا وَذَا قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ
-
وَالْحَقُّ مَنْصُورٌ وَمُمْتَحَنٌ فَلَا * تَعْجَبْ فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحْمٰنِ
-
وَبِذَاكَ يَظْهَرُ حِزْبُهُ مِنْ حَرْبِهِ * وَلِأَجْلِ ذَاكَ النَّاسُ طَائِفَتَانِ
-
وَلِأَجْلِ ذَاكَ الْحَرْبُ بَيْنَ الرُّسْلِ وَالْـ * ـكُفَّارِ مُذْ قَامَ الوَرَى سَجْلَانِ
-
لَكِنَّمَا الْعُقْبَى لِأَهْلِ الْحَقِّ إِنْ * فَاتَتْ هُنَا كَانَتْ لَدَى الدَّيَّانِ
-
وَاجْعَلْ لِقَلْبِكَ هِجْرَتَيْنِ وَلَا تَنَمْ * فَهُمَا عَلَى كُلِّ امْرِئٍ فَرْضَانِ
-
فَالْهِجْرةُ الْأُولَى إِلَى الرَّحْمٰنِ بِالْـ * إِخْلَاصِ فِي سِرٍّ وَفِي إِعْلَانِ
-
فَالْقَصْدُ وَجْهُ اللَّهِ بِالْأَقْوَالِ وَالْـ * أَعْمَالِ وَالطَّاعَاتِ وَالشُّكْرَانِ
-
فَبِذَاكَ يَنْجُو الْعَبْدُ مِنْ إشْرَاكِهِ * وَيَصِيرُ حَقًّا عَابِدَ الرَّحْمٰنِ
-
وَالْهِجْرَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْمَبْعُوثِ بِالْـ * ـحَقِّ الْمُبِينِ وَوَاضِحِ الْبُرْهَانِ
-
فَيَدُورُ مَعْ قَوْلِ الرَّسُولِ وَفِعْلِهِ * نَفْيًا وَإِثْبَاتًا بِلَا رَوَغَانِ
-
وَيُحَكِّمُ الْوَحْيَ الْمُبِينَ عَلَى الَّذِي * قَالَ الشُّيُوخُ فَعِنْدَهُ حَكَمَانِ
-
لَا يَحْكُمَانِ بِبَاطِلٍ أَبَدًا وَكُلُّ م * الْعَدْلِ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الْحَكَمَانِ
-
وَهُمَا كِتَابُ اللَّهِ أَعْدَلُ حَاكِمٍ * فِيهِ الشِّفَا وَهِدَايَةُ الْحَيْرَانِ
-
وَالْحَاكِمُ الثَّانِي كَلَامُ رَسُولِهِ * مَا ثَمَّ غَيْرُهُمَا لِذِي إِيمَانِ
-
فَإِذَا دَعَوْكَ لِغَيْرِ حُكمِهِمَا فَلَا * سَمْعًا لِدَاعِي الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ
-
قُلْ لَا كَرَامَةَ لَا وَلَا نُعْمَى وَلَا * طَوْعًا لِمَنْ يَدْعُو إِلَى طُغْيَانِ
-
وَإِذَا دُعِيتَ إِلَى الرَّسُولِ فَقُلْ لَهُمْ * سَمْعًا وَطَوْعًا لَسْتُ ذَا عِصْيَانِ
-
وَإِذَا تَكَاثَرتِ الْخُصُومُ وَصَيَّحُوا * فَاثْبُتْ فَصَيْحَتُهُمْ كَمِثْلِ دُخَانِ
-
يَرْقَى إِلَى الْأَوْجِ الرَّفِيعِ وَبعْدَهُ * يَهوِي إِلَى قَعْرِ الْحَضِيضِ الدَّانِي
-
هَذَا وَإِنَّ قِتَالَ حِزْبِ اللَّهِ بِالْـ * أَعْمَالِ لَا بِكَتَائِبِ الشُّجْعَانِ
-
وَاللَّهِ مَا فتَحُوا الْبِلَادَ بِكَثْرَةٍ * أَنَّى وَأَعْدَاهُمْ بِلَا حُسْبَانِ
-
وَكَذَاكَ مَا فَتَحُوا الْقُلُوبَ بِهَذِهِ الْـ * آرَاءِ بَلْ بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ
-
وَشَجَاعَةُ الْفُرْسَانِ نَفسُ الزُّهْدِ فِي * نَفْسٍ وَذَا مَحْذُورُ كُلِّ جَبَانِ
-
وَشَجَاعَةُ الْحُكَّامِ وَالْعُلَمَاءِ زُهْـ * ـدٌ فِي الثَّنَا مِنْ كُلِّ ذِي بُطْلَانِ
-
فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِقَلْبٍ صَادِقٍ * شَدَّتْ رَكَائِبُهُ إِلَى الرَّحْمٰنِ
-
وَاقْصِدْ إِلَى الْأَقْرَانِ لَا أَطْرَافِهَا * فَالْعِزُّ تَحْتَ مَقَاتِلِ الْأَقْرَانِ
-
وَاسْمَعْ نَصِيحَةَ مَنْ لَهُ خُبْرٌ بِمَا * عِنْدَ الْوَرَى مِنْ كَثْرَةِ الْجَوَلَانِ
-
مَا عِنْدَهُمْ وَاللَّهِ خَيْرٌ غَيْرَ مَا * أَخَذُوهُ عَمَّنْ جَاءَ بِالْقُرْآنِ
-
وَالْكُلُّ بَعْدُ فَبِدْعةٌ أَوْ فِرْيَةٌ * أَوْ بَحْثُ تَشْكِيكٍ وَرَأْيُ فُلَانِ
-
فَاصْدَعْ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا تَخْشَ الْوَرَى * فِي اللَّهِ وَاخْشَاهُ تَفُزْ بِأَمَانِ
-
وَاهْجُرْ وَلَوْ كُلَّ الْوَرَى فِي ذَاتِهِ * لَا فِي هَوَاكَ وَنَخْوَةِ الشَّيْطَانِ
-
وَاصْبِرْ بِغَيْرِ تَسَخُّطٍ وَشِكَايَةٍ * وَاصْفَحْ بِغَيْرِ عِتَابِ مَنْ هُوَ جَانِ
-
وَاهْجُرْهُمُ الْهَجْرَ الْجَمِيلَ بِلَا أَذًى * إِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْهِجْرَانِ
-
وَانْظُرْ إِلَى الْأَقْدَارِ جَارِيَةً بِمَا * قَدْ شَاءَ مِنْ غَيٍّ وَمِنْ إِيمَانِ
-
وَاجْعَلْ لِقَلْبِكَ مُقْلَتَيْنِ كِلَاهُمَا * بِالْحَقِّ فِي ذَا الْخَلْقِ بَاصِرَتَانِ
-
فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْحُكْمِ وَارْحَمْهُمْ بِهَا * إِذْ لَا تُرَدُّ مَشِيئَةُ الدَّيَّانِ
-
وَانْظُرْ بِعَيْنِ الْأَمْرِ وَاحْمِلْهُمْ عَلَى * أَحْكَامِهِ فَهُمَا إِذًا نَظَرَانِ
-
وَاجْعَلْ لِوَجْهِكَ مُقْلَتَيْنِ كِلَاهُمَا * مِنْ خَشْيَةِ الرَّحْمٰنِ بَاكِيَتَانِ
-
لَوْ شَاءَ رَبُّكَ كُنْتَ أَيْضًا مِثْلَهُمْ * فَالْقَلْبُ بَيْنَ أَصَابِعِ الرَّحْمٰنِ
-
وَاحْذَرْ كَمَائِنَ نَفْسِكَ اللَّاتِي مَتَى * خَرَجَتْ عَلَيْكَ كُسِرْتَ كَسْرَ مُهانِ
-
وَإِذَا انْتَصَرْتَ لَهَا تَكُونُ كَمَنْ بَغَى * طَفْيَ الدُّخَانِ بِمُوقَدِ النِّيرَانِ
-
وَاللَّهُ أَخْبَرَ وَهْوَ أَصْدقُ قَائِلٍ * أَنْ لَيْسَ يَنْصُرُ عَبْدَهُ بِأَمَانِي
-
مَنْ يَعْمَلِ السُوأَى سَيُجْزَى مِثْلَهَا * أَوْ يَعْمَلِ الْحُسْنَى يَفُزْ بِجِنَانِ
-
هَذِي وَصِيَّةُ نَاصِحٍ وَلِنَفْسِهِ * وَصَّى وَبَعْدُ لِسَائِرِ الْإِخْوَانِ
-
فَاجْلِسْ إِذًا فِي مَجْلِسِ الْحَكَمَيْنِ لِلرَّ * حْمٰنِ لَا لِلنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ
-
إِحْدَاهُمَا النَّقْلُ الصَّحِيحُ وَبَعْدَه الْـ * ـعَقْلُ الصَّرِيحُ وَفِطْرَةُ الرَّحْمٰنِ
-
وَاحْكُمْ إِذًا فِي رُفْقَةٍ قَدْ سَافَرُوا * يَبْغُونَ فَاطِرَ هَذِهِ الْأَكْوَانِ
-
فَتَرَافَقُوا فِي سَيْرِهِمْ وَتَفَارَقُوا * عِنْدَ افْتِرَاقِ الطُّرْقِ بِالْحَيْرَانِ
-
فَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ وَجَدتُّهُ * هَذَا الْوُجُودَ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِ
-
مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ سِوَاهُ وَإِنَّمَا * غَلِطَ اللِّسَانُ فَقَالَ مَوْجُودَانِ
-
فَهُوَ السَّمَاءُ بِعَيْنِهَا وَنُجُومُهَا * وَكَذَلِكَ الْأَفْلَاكُ وَالْقَمَرَانِ
-
وَهُوَ الْغَمَامُ بِعَيْنِهِ وَالثَّلْجُ وَالْـ * أَمْطَارُ مَعْ بَرَدٍ ومَعْ حُسْبَانِ
-
وَهُوَ الْهَوَاءُ بِعَيْنِهِ وَالْمَاءُ وَالتُّـ * ـرْبُ الثَّقِيلُ وَنَفْسُ ذِي النِّيرَانِ
-
هَذِي بَسَائِطُهُ وَمِنْهُ تَرَكَّبَتْ * هَذِي الْمَظَاهِرُ مَا هُنَا شَيْئَانِ
-
وَهُوَ الْفَقِيرُ لَهَا لِأَجْلِ ظُهُورِهِ * فِيهَا كَفَقْرِ الرُّوحِ لِلْأَبْدَانِ
-
وَهِيَ الَّتِي افْتَقَرَتْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ * هُوَ ذَاتُهَا وَوُجُودُهَا الْحَقَّانِي
-
وَتَظَلُّ تَلْبَسُهُ وَتَخْلَعُهُ وَذَا الْـ * إِيجَادُ وَالْإِعْدَامُ كُلَّ أَوَانِ
-
وَيَظَلُّ يَلْبَسُهَا وَيَخْلَعُهَا وَذَا * حُكْمُ الْمَظَاهِرِ كَيْ يُرَى بِعِيَانِ
-
وَتَكَثُّرُ الْمَوْجُودِ كَالْأَعْضَاءِ فِي الْـ * ـمَحْسُوسِ مِنْ بَشَرٍ وَمِنْ حَيَوَانِ
-
أَوْ كَالْقُوَى فِي النَّفْسِ ذَلِكَ وَاحِدٌ * مُتَكَثِّرٌ قَامَتْ بِهِ الْأَمْرَانِ
-
فَيَكُونُ كُلًّا هَذِهِ أَجَزَاؤُهُ * هَذِي مَقَالَةُ مُدَّعِي الْعِرْفَانِ
-
أَوْ أَنَّهَا كَتَكَثُّرِ الْأَنْوَاعِ فِي * جِنْسٍ كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الثَّانِي
-
فَيَكُونُ كُلِّيًّا وَجُزْئِيَّاتُهُ * هَذَا الْوُجُودُ فَهَذِهِ قَوْلَانِ
-
أُولَاهُمَا نَصُّ الْفُصُوصِ وَبَعْدَهُ * قَوْلُ ابْنِ سَبْعِينٍ وَمَا الْقَوْلَانِ
-
عِنْدَ الْعَفِيفِ التِّلْمِسَانِيِّ الَّذِي * هُوَ غَايَةٌ فِي الْكُفْرِ وَالْبُهْتَانِ
-
إِلَّا مِنَ الْأَغْلَاطِ فِي حِسٍّ وَفِي * وَهْمٍ وَتِلْكَ طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ
-
وَالْكُلُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ * مَا لِلتَّعَدُّدِ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِ
-
فَالضَّيْفُ وَالْمَأْكُولُ شَيْءٌ وَاحِدٌ * وَالْوَهْمُ يَحْسَبُ هَهُنَا شَيْئَانِ
-
وَكَذَلِكِ الْمَوْطُوءُ عَيْنُ الْوَاطِ وَالْـ * ـوَهْمُ الْبَعِيدُ يَقُولُ ذَانِ اثْنَانِ
-
وَلَرُبَّمَا قَالَا مَقَالَتَهُ كَمَا * قَدْ قَالَ قَوْلَهُمَا بِلَا فُرْقَانِ
-
وَأَبَى سِوَاهُمْ ذَا وَقَالَ مَظَاهِرٌ * تَجْلُوهُ ذَاتُ تَوَحُّدٍ وَمَثَانِ
-
فَالظَّاهِرُ الْمَجْلُوُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ * لَكِنْ مَظَاهِرُهُ بِلَا حُسْبَانِ
-
هَذِي عِبَارَاتٌ لَهُمْ مَضْمُونُهَا * مَا ثَمَّ غَيْرٌ قَطُّ فِي الْأَعْيَانِ
-
فَالْقَوْمُ مَا صَانُوهُ عَنْ إِنْسٍ وَلَا * جِنٍّ وَلَا شَجَرٍ وَلَا حَيَوَانِ
-
كَلَّا وَلَا عُلْوٍ وَلَا سُفْلٍ وَلَا * وَادٍ وَلَا جَبَلٍ وَلَا كُثْبَانِ
-
كَلَّا وَلَا طَعْمٍ وَلَا رِيحٍ وَلَا * صَوْتٍ وَلَا لَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ
-
لَكِنَّهُ الْمَطْعُومُ وَالْمَلْمُوسُ وَالْـ * ـمَشْمُومُ وَالْمَسْمُوعُ بِالْآذَانِ
-
وَكَذَاكَ قَالُوا إِنَّهُ الْمَنْكُوحُ وَالْـ * ـمَذْبُوحُ بَلْ عَيْنُ الْغَوِيِّ الزَّانِي
-
وَالْكُفْرُ عِنْدَهُمُ هُدًى وَلَوَ انَّهُ * دِينُ الْمَجُوسِ وَعَابِدِي الْأَوْثَانِ
-
قَالُوا وَمَا عَبَدُوا سِوَاهُ وَإِنَّمَا * ضَلُّوا بِمَا خُصُّوا مِنَ الْأَعْيَانِ
-
وَلَوَ انَّهُمْ عَمُّوا وَقَالُوا كُلُّهَا * مَعْبُودَةٌ مَا كَانَ مِنْ كُفْرَانِ
-
فَالْكُفْرُ سَتْرُ حَقِيقَةِ الْمَعْبُودِ بِالتَّـ * ـخْصِيصِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ رَبَّانِي
-
قَالُوا وَلَم يَكُ كَافِرًا فِي قَوْلِهِ * أَنَا رَبُّكُمْ فِرْعَوْنُ ذُو الطُّغْيَانِ
-
بَلْ كَانَ حَقًّا قَوْلُهُ إِذْ كَانَ عَيْـ * ـنُ الْحَقِّ مُضْطَلِعًا بِهَذَا الشَّانِ
-
وَلِذَا غَدًا تَغْرِيقُهُ فِي الْبَحْرِ تَطْهِيرًا مِنَ الْأَوْهَامِ وَالْحُسْبَانِ
-
قَالُوا وَلَمْ يَكُ مُنْكِرًا مُوسَى لِمَا عَبَدُوهُ مِن عِجْلٍ لَدَى الْخَوَرَانِ
-
إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَ لَيْسَ بِعَابِدٍ مَعَهُمْ وَأَصْبَحَ ضَيِّقَ الْأَعْطَانِ
-
وَلِذَاكَ جَرَّ بِلِحْيَةِ الْأَخِ حَيْثُ لَمْ يَكُ وَاسِعًا فِي قَوْمِهِ لِبِطَانِ
-
بَلْ فَرَّقَ الْإِنْكَارُ مِنْهُ بَيْنَهُمْ لَمَّا سَرَى فِي وَهْمِهِ غَيْرَانِ
-
وَلَقَدْ رَأَى إِبْلِيسَ عَارِفُهُمْ فَأَهْوَى بِالسُّجُودِ هُوِىَّ ذِي خُضْعَانِ
-
قَالُوا لَهُ مَاذَا صَنَعْتَ فَقَالَ هَلْ غَيْرُ الْإِلَهِ وَأَنْتُمَا عَمِيَانِ
-
مَا ثَمَّ غَيْرٌ فَاسْجُدُوا إِنْ شِئْتُمُ لِلشَّمْسِ وَالْأَصْنَامِ وَالشَّيْطَانِ
-
فَالْكُلُّ عَيْنُ اللَّهِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ وَالْكُلُّ مَعْبُودٌ لِذِي الْعِرْفَانِ
-
هَذَا هُوَ الْمَعْبُودُ عِنْدَهُمُ فَقُلْ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السُّبْحَانِ
-
يَا أُمَّةً مَعْبُودُهَا مَوْطُوؤُهَا أَيْنَ الْإِلَهُ وَثُغْرَةُ الطَّعَّانِ
-
يَا أُمَّةً قَدْ صَارَ مِنْ كُفْرَانِهَا جُزْءًا يَسِيرًا جُمْلَةُ الْكُفْرَانِ
-
وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ وَجَدتُّهُ بِالذَّاتِ مَوْجُودًا بِكُلِّ مَكَانِ
-
هُوَ كَالْهَوَاءِ بِعَيْنِهِ لَا عَيْنُهُ مَلَأَ الْخُلُوَّ وَلَا يُرَى بِعِيَانِ
-
وَالْقَوْمُ مَا صَانُوهُ عَنْ بِئْرٍ وَلَا قَبْرٍ وَلَا حُشٍّ وَلَا أَعْطَانِ
-
بَلْ مِنْهُمُ مَنْ قَدْ رَأَى تَشْبِيهَهُ بِالرُّوحِ دَاخِلَ هَذِهِ الْأَبْدَانِ
-
مَا فِيهُمُ مَنْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ عَنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ
-
لَكِنَّهُمْ حَامُوا عَلَى هَذَا وَلَمْ يَتَجَاسَرُوا مِنْ عَسْكَرِ الْإِيمَانِ
-
وَعَلَيْهِمُ رَدَّ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدٌ وَصِحَابُهُ مِنْ كُلِّ ذِي عِرْفَانِ
-
فَهُمُ الْخُصُومُ لِكُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ وَهُمُ الْخُصُومُ لِمُنْزِلِ الْقُرْآنِ
-
وَلَهُمْ مَقُالُاتٌ ذَكَرْتُ أُصُولَهَا لَمَّا ذَكَرْتُ الْجَهْمَ فِي الْأَوْزَانِ
-
وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ هَذَا وَلَكِنْ جَدَّ فِي النُّكْرَانِ
-
فَأَسَرَّ قَوْلَ مُعَطِّلٍ وَمُكَذِّبٍ فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ لِلرَّحْمٰنِ
-
إِذْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِينَا وَلَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ جُمْلَةِ الْأَكْوَانِ
-
بَلْ قَالَ لَيْسَ بِبَائِنٍ عَنْهَا وَلَا فِيهَا وَلَا هُوَ عَيْنُهَا بِبَيَانِ
-
كَلَّا وَلَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى * وَالْعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا رَحْمٰنِ
-
وَالْعَرْشُ لَيْسَ عَلَيْهِ مَعْبُودٌ سِوَى الْـ * ـعَدَمِ الَّذِي لَا شَيْءَ فِي الأَعْيَانِ
-
بَلْ حَظُّهُ مِنْ رَبِّهِ حَظُّ الثَّرَى * مِنْهُ وَحَظُّ قَوَاعِدِ الْبُنْيَانِ
-
لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ كَانَ كَهَذِهِ الْـ * أَجْسَامِ سُبْحَانَ الْعَظِيمِ الشَّانِ
-
وَلَقَدْ وَجَدتُّ لِفَاضِلٍ مِنْهُمْ مَقَا * مًا قَامَهُ فِي النَّاسِ مُنْذُ زَمَانِ
-
قَالَ اسْمَعُوا يَا قَوْمِ إِنَّ نَبِيَّكُمْ * قَدْ قَالَ قَوْلًا وَاضِحَ الْبُرْهَانِ
-
لَا تَحْكُمُوا بِالفَضْلِ لِي أَصْلًا عَلَى * ذِي النُّونِ يُونُسَ ذَلِكَ الْغَضْبَانِ
-
هَذَا يَرُدُّ عَلَى الْمُجَسِّمِ قَوْلَهُ * اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْأَكْوَانِ
-
وَيَدُلُّ أَنَّ إِلَهَنَا سُبْحَانَهُ * وَبِحْمِدِهِ يُلْفَى بِكُلِّ مَكَانِ
-
قَالُوا لَهُ بَيِّنْ لَنَا هَذَا فَلَمْ * يَفعَلْ فَأَعْطَوْهُ مِنَ الْأَثْمَانِ
-
أَلْفًا مِنَ الذَّهَبِ الْعَتِيقِ فَقَالَ فِي * تِبْيَانِهِ فَاسْمَعْ لِذَا التِّبْيَانِ
-
قَدْ كَانَ يُونُسُ فِي قَرَارِ الْبَحْرِ تَحْـ * ـتَ الْمَاءِ فِي قَبْرٍ مِنَ الْحِيتَانِ
-
وَمُحَمَّدٌ صَعِدَ السَّمَاءَ وَجَاوَزَ السَّـ * ـبْعَ الطِّبَاقَ وَجَازَ كُلَّ عَنَانِ
-
وَكِلَاهُمَا فِي قُرْبهِ مِنْ رَبِّهِ * سُبْحَانَهُ إِذْ ذَاكَ مُسْتَويَانِ
-
فَالْعُلْوُ وَالسُّفْلُ اللَّذَانِ كِلَاهُمَا * فِي بُعْدِهِ مِنْ ضِدِّهِ طَرَفَانِ
-
إِنْ يُنْسَبَا لِلَّهِ نُزِّهَ عَنْهُمَا * بِالْاِخْتِصَاصِ بَلَى هُمَا سِيَّانِ
-
فِي قُربِ مَنْ أَضْحَى مُقِيمًا فِيهِمَا * مِنْ رَبِّهِ فَكِلَاهُمَا مِثْلَانِ
-
فَلِأَجْلِ هَذَا خُصَّ يُونُسُ دُونَهُمْ * بِالذِّكْرِ تَحْقِيقًا لِهَذَا الشَّانِ
-
فَأَتَى النِّثَارُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ * مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِلَا حُسْبَانِ
-
فَاحْمَدْ إِلَهَكَ أيُّهَا السُّنِّيُّ إِذْ * عَافَاكَ مِنْ تَحْرِيفِ ذِي بُهْتَانِ
-
وَاللَّهِ مَا يَرْضَى بِهَذَا خَائِفٌ * مِنْ رَبِّهِ أَمْسَى عَلَى الْإِيمَانِ
-
هَذَا هُوَ الْإِلْحَادُ حَقًّا بَلْ هُوَ الـ * ـتَّحْرِيفُ مَحْضًا أَبْرَدُ الْهَذَيَانِ
-
وَاللَّهِ مَا بُلِيَ الْمُجَسِّمُ قَطُّ ذِي الْـ * ـبَلْوَى وَلَا أَمْسَى بِذِي الْخِذْلَانِ
-
أَمْثَالُ ذَا التَّأْوِيلِ أَفْسَدَ هَذِهِ الْـ * أَدْيَانَ حِينَ سَرَى إِلَى الْأَدْيَانِ
-
وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ حَافِظُ دِينِهِ * لَتَهَدَّمَتْ مِنْهُ قُوَى الْأَرْكَانِ
-
وَأَتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ * هَذَا وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْمِيزَانِ
-
قَالَ اسْمَعُوا يَا قَوْمُ لَا تُلهِيكُمُ * هَذِي الْأَمَانِي هُنَّ شَرُّ أَمَانِي
-
أَتَعِبْتُ رَاحِلَتِي وَكَلَّ مَطِيَّتِي * وبَذَلْتُ مَجْهُودِي وَقَدْ أَعْيَانِي
-
فَتَّشْتُ فَوْقُ وَتَحْتُ ثُمَّ أَمَامَنَا * وَوَرَاءُ ثُمَّ يَسَارُ مَعْ أَيْمَانِ
-
مَا دَلَّنِي أَحَدٌ عَلَيْهِ هُنَاكُمُ * كَلَّا وَلَا بَشَرٌ إِلَيْهِ هَدَانِي
-
إِلَّا طَوَائِفُ بِالحَدِيثِ تَمسَّكَتْ * تُعْزَى مَذَاهِبُهَا إِلَى الْقُرْآنِ
-
قَالُوا الَّذِي تَبْغِيهِ فَوْقَ عِبَادِهِ * فَوْقَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ كُلِّ مَكَانِ
-
وَهُوَ الَّذِي حَقًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَكِنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَكْوَانِ
-
وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ كُلُّ قَوْلٍ طَيِّبٍ * وَإِلَيْهِ يُرْفَعُ سَعْيُ ذِي الشُّكْرَانِ
-
وَالرُّوحُ وَالْأَمْلَاكُ مِنْهُ تَنَزَّلَتْ * وَإِلَيْهِ تَعْرُجُ عِنْدَ كُلِّ أَوَانِ
-
وَإِلَيْهِ أَيْدِي السَّائِلِينَ تَوَجَّهَتْ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِفِطْرَةِ الرَّحْمٰنِ
-
وَإِلَيْهِ قَدْ عَرَجَ الرَّسُولُ فَقُدِّرَتْ * مِنْ قُرْبِهِ مِنْ رَبِّهِ قَوْسَانِ
-
وَإِلَيْهِ قَدْ رُفِعَ الْمَسِيحُ حَقِيقَةً * وَلَسَوْفَ يَنْزِلُ كَيْ يُرَى بِعِيَانِ
-
وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ رُوحُ كُلِّ مُصَدِّقٍ * عِنْدَ الْمَمَاتِ فَيَنْثَنِي بِأَمَانِ
-
وَإِلَيْهِ آمَالُ الْعِبَادِ تَوَجَّهَتْ * نَحْوَ الْعُلُوِّ بِلَا تَوَاصٍ ثَانِ
-
بَلْ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي لَمْ يُفْطَرُوا * إِلَّا عَلَيْهَا الْخَلْقُ وَالثَّقَلَانِ
-
وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّهُمْ فُطِرُوا عَلَى * إِقرَارِهِم لَا شَكَّ بِالدَّيَّانِ
-
لَكِنْ أُولُو التَّعْطِيلِ مِنْهُمْ أَصْبَحُوا * مَرْضَى بِدَاءِ الْجَهْلِ وَالْخِذْلَانِ
-
فَسَأَلْتُ عَنْهُمْ رُفْقَتِي وَأَحِبَّتِي * أَصْحَابَ جَهْمٍ حِزْبَ جِنْكِسْخَانِ
-
مَنْ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُقَالُ لَهُمُ فَقَدْ * جَاؤُوا بِأَمْرٍ مَالِئِ الْآذَانِ
-
وَلَهُمْ عَلَيْنَا صَوْلَةٌ مَا صَالَهَا * ذُو بَاطِلٍ بَلْ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ
-
أَوَ مَا سَمِعْتُمْ قَوْلَهُمْ وَكَلَامَهُمْ * مِثْلَ الصَّوَاعِقِ لَيْسَ ذَا لِجَبَانِ
-
جَاؤُوكُمُ مِنْ فَوْقِكُمْ وَأَتَيْتُمُ * مِنْ تَحْتِهِمْ مَا أَنْتُمُ سِيَّانِ
-
جَاؤُوكُمُ بِالوَحْيِ لَكِنْ جِئْتُمُ * بِنُحَاتَةِ الْأَفْكَارِ وَالْأَذْهَانِ
-
قَالُوا مُشَبَّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ فَلَا * تَسْمَعْ مَقَالَ مُجَسِّمٍ حَيَوَانِ
-
وَالْعَنْهُمُ لَعْنًا كَثِيرًا وَاغْزُهُمْ * بِعَسَاكِرِ التَّعْطِيلِ غَيْرَ جَبَانٍ
-
وَاحْكُمْ بِسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَبِحَبْسِهِمْ * أَوْ لَا فَشَرِّدْهُمْ عَنِ الأَوْطَانِ
-
حَذِّرْ صِحَابَكَ مِنْهُمُ فَهُمُ أضَلُّ م * مِنَ اليَهُودِ وعَابِدي الصُّلْبَانِ
-
وَاحْذَرْ تُجَادِلَهُمْ بِقَالَ اللَّهُ أَوْ * قَالَ الرَّسُولُ فَتَنْثَنِي بِهَوَانِ
-
أَنَّى وَهُمْ أَوْلَى بِهِ قَدْ أَنْفَدُوا * فِيهِ قُوَى الأَذْهَانِ وَالأَبْدَانِ
-
فَإِذَا بُلِيتَ بِهِمْ فَغَالِطْهُمْ عَلَى التَّـ * ـأْوِيلِ لِلْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ
-
وَكَذَاكَ غَالِطْهُمْ عَلَى التَّكذيِبِ لِلْـ * آحَادِ ذَانِ لِصَحْبِنَا أَصْلَانِ
-
أَوْصَى بِهَا أَشْيَاخُنَا أَشْيَاخَهُمْ * فَاحْفَظْهُمَا بِيَدَيْكَ وَالْأَسْنَانِ
-
وَإِذَا اجْتَمَعْتَ وَهُمْ بِمَشْهَدِ مَجْلِسٍ * فَابْدُرْ بِإِيرَادٍ وَشَغْلِ زَمَانِ
-
لَا يَمْلِكُوهُ عَلَيْكَ بِالْآثَارِ وَالْـ * أَخْبَارِ وَالتَّفسِيرِ لِلْفُرْقَانِ
-
فَتَصِيرَ إِنْ وَافَقْتَ مِثْلَهُمُ وَإِنْ * عَارَضْتَ زِنْدِيقًا أَخَا كُفْرَانِ
-
وَإِذَا سَكَتَّ يُقَالُ هَذَا جَاهِلٌ * فَابْدُرْ وَلَوْ بِالْفَشْرِ وَالْهَذَيَانِ
-
هَذَا الَّذِي وَاللَّهِ أَوْصَانَا بِهِ * أَشْيَاخُنَا فِي سَالِفِ الأَزْمَانِ
-
فَرَجَعْتُ مِنْ سَفَرِي وَقُلْتُ لِصَاحِبِي * وَمَطِيَّتِي قَدْ آذَنَتْ بِحِرَانِ
-
عَطِّلْ رِكَابَكَ وَاسْتَرِحْ مِنْ سَيْرِهَا * مَا ثَمَّ شَيْءٌ غَيْرُ ذِي الأَكْوَانِ
-
لَوْ كَانَ لِلْأَكْوَانِ رَبٌّ خَالِقٌ * كَانَ الْمُجَسِّمُ صَاحِبَ الْبُرْهَانِ
-
أَوْ كَانَ رَبٌّ بَائِنٌ عَنْ هَذَا الْوَرَى * كَانَ الْمُجَسِّمُ صَاحِبَ الْإِيمَانِ
-
وَلَكِنَ عِندَ النَّاسِ أَوْلَى الْخَلْقِ بِالْـ * إِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ
-
وَلَكِنْ كَانَ هَذَا الْحِزْبُ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ * لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ اثْنَانِ
-
فَدَعِ التَّكَالِيفَ الَّتِي حُمِّلْتَهَا * وَاخْلَعْ عِذَارَكَ وَارْمِ بِالْأَرْسَانِ
-
مَا ثَمَّ فَوْقَ الْعَرْشِ مِن رَبٍّ وَلَمْ * يَتَكَلَّمِ الرَّحْمَـٰنُ بِالْقُرْآنِ
-
لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ رَبٌّ نَاظِرٌ * لَزِمَ التَّحَيُّزُ وَافْتِقَارُ مَكَانِ
-
أَوْ كَانَ ذَا الْقُرْآنُ عَيْنَ كَلَامِهِ * حَرْفًا وَصَوْتًا كَانَ ذَا جُثْمَانِ
-
فَإِذَا انْتَفَى هَذَا وَهَذَا مَا الَّذِي * يَبْقَى عَلَى ذَا النَّفْي مِنْ إِيمَانِ
-
فَدَعِ الحَلَالَ مَعَ الحَرَامِ لِأَهْلِهِ * فَهُمَا السِّيَاجُ لَهُمْ عَلَى الْبُسْتَانِ